ما رواه مَعْمَر بن راشد في "جامعه"(١١/ ٧٢ - مصنف) أثر رقم (١٩٩٤٦)، ومن طريقه البيهقي في "الشعب"(٨/ ٣٨٢) أثر رقم (٥٩٦٧) عن أيوب السِّخْتِيَانِي، عن القاسم بن محمد، عن عائشة - رضي الله عنها - «أنها كرهت الشراب في الإناء المفضض» ورواته ثقات.
الترجيح:
أرى أن الراجح التفريق بين التضبيب وغيره؛ لأن الحاجة تدعو للتضبيب بخلاف المموه وما في معناه.
[معنى الحاجة:]
قال تقيد الدين في " شرح العمدة"(١/ ١١٦): (معنى الحاجة أن تكون الضبة مما يُحتاج إليها سواء كانت من فضة أو نحاس أو حديد فتباح. فأما إن احتيج إلى نفس الفضة بأن لا يقوم غيرها مقامها فتباح وإن كان كثيرا ولو كان من الذهب).
والأولى عندي الحكم بالإباحة إن تعينت الفضة بأن لم يقم غيرها مقامها، ويباح منها ما تسد به الحاجة ولا يتجاوز قدر الحاجة.
فإن قام غير الفضة مقامها فلا يباح استخدامها إعمالا لعموم الأدلة وعموم العلل التي سبق ذكرها لبيان تحريم استعمالها واتخاذها.
وقد فرق تقي الدين، وموفق الدين (١) وغيرهما بين القليل والكثير، وهذا التفريق غير منضبط ولا دليل عليه، وعليه فالراجح أن استعمال ما فيه ذهب أو فضة لغير حاجة محرم لأنه لا يتأتى اجتناب المحرم إلا باجتناب هذه الآنية ونحوها وإنما يباح من ذلك ما تدعوا إليه الحاجة - دون فرق بين قليل أو كثير - لإصلاح ما أصابه شَّق أو كسر من الآنية للحديث الوارد في ذلك.
وإيضاح ذلك: أن تحريم استعمال الذهب والفضة ليس لشيء في ذاتهما كالنجاسة مثلا، وإنما هما محرمان لعلل خارجة عن ماهيتهما - كما سبق بيان علل التحريم ومنها: التشبه بالأعاجم والكفار، وتضييق النقدين -، وكما هو مقرر أن ما حرم سدا للذريعة فإنه يباح عند الحاجة والمصلحة الراجحة.