فهذه غير طاهرة في الحياة، ولكن استثني منها في المذهب الهر وما دونه في الخلقة مما ليس مأكولا وحكم بطهارتهم في حال الحياة للمشقة (إنها من الطوافين عليكم والطوافات).
[فائدة - الحياة نوعان:]
قال تقي الدين في "مجموع الفتاوى"(٢١/ ٩٧): (الحياة نوعان: حياة الحيوان وحياة النبات، فحياة الحيوان خاصتها الحس والحركة الإرادية وحياة النبات خاصتها النمو والاغتذاء. وقوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} إنما هو بما فارقته الحياة الحيوانية دون النباتية؛ فإن الشجر والزرع إذا يبس لم ينجس باتفاق المسلمين وقد قال تعالى:{وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} وقال: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} فموت الأرض لا يوجب نجاستها باتفاق المسلمين وإنما الميتة المحرمة: ما فارقها الحس والحركة الإرادية).
قال تقي الدين في "مجموع الفتاوي"(٢١/ ٩٩): (وأما العظام ونحوها: فإذا قيل: إنها داخلة في الميتة لأنها تحس وتألم. قيل لمن قال ذلك: أنتم لم تأخذوا بعموم اللفظ؛ فإن ما لا نفس له سائلة كالذباب والعقرب والخنفساء لا ينجس عندكم وعند جمهور العلماء مع أنها ميتة موتا حيوانيا. وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ثم لينزعه؛ فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء} ... وإذا كان كذلك: علم أن علة نجاسة الميتة إنما هو احتباس الدم فيها فما لا نفس له سائلة ليس فيه دم سائل فإذا مات لم يحتبس فيه الدم؛ فلا ينجس. فالعظم ونحوه أولى بعدم التنجيس من هذا؛ فإن العظم ليس فيه دم سائل ولا كان متحركا بالإرادة إلا على وجه التبع. فإذا كان الحيوان الكامل الحساس المتحرك بالإرادة لا ينجس لكونه ليس فيه دم سائل: فكيف ينجس العظم الذي ليس فيه دم سائل؟ ... وإذا كان كذلك فالعظم والقرن والظُّفْر والظلف - أي الظُّفْر المشقوق للبقرة والشاة ونحوهما - وغير ذلك ليس فيه دم مسفوح فلا وجه لتنجيسه وهذا قول جمهور السلف).