[- الماء المتغير بما يشق صون الماء عنه ما لم يوضع:]
قال:(أو بما يشق صون الماء عنه كطحلب وورق شجر ما لم يوضعا).
والحكم بعدم الكراهة هنا للمشقة الناتجة عن عدم انفكاكه وصعوبة التحرز منه، والمشقة تجلب التيسير، بعكس ما لو وضع قصدا، أو لم يكن مما يشق التحرز منه كما سيأتي.
قال ابن قدامة في " الكافي"(١/ ٤): (ما لا يمكن التحرز منه كالطحلب وسائر ما ينبت في الماء وما يجري عليه الماء من الكبريت والقار وغيرهما وورق الشجر على السواقي والبرك وما تلقيه الريح والسيول في الماء من الحشيش والتبن ونحوهما فلا يمنع لأنه لا يمكن صون الماء عنه).
قال المرداوي في "الإنصاف"(١/ ٢٢): (قوله: (وما تغير بمكثه أو بطاهر لا يمكن صونه عنه) أي صون الماء عن الساقط قطع المصنف بعدم الكراهة في ذلك وهو المذهب صرح به جماعة من الأصحاب وهو ظاهر كلام أكثرهم وقدمه في الفروع وقال في المحرر لا بأس بما تغير بمقره أو بما يشق صونه عنه وقيل يكره فيهما جزم به في الرعاية الكبرى.
تنبيه - مفهوم قوله:(لا يمكن صونه عنه) أنه لو أمكن صونه عنه أو وضع قصدا أنه يؤثر فيه، وليس على إطلاقه على ما يأتي فيما إذا تغير أحد أوصافه أو تغير تغيرا يسيرا) يشير إلى الخلاف فيما يسلب الماء طهوريته هل إذا تغير كثير صفة كتغير صفة كاملة، وهل يعفى عن تغير يسير صفة أم لا؟ واختلفوا هل التغير اليسير في الطعن واللون يسلبه الطهورية، هل يعفى عن يسير التغير في الرائحة دون غيرها على أقوال في المذهب، وسوف يأتي - بإذن الله - الكلام عنها في القسم الثاني وهو الماء الطاهر.
لاحظ أن جمهور الحنابلة الذين قسموا الماء قسمة ثلاثية مثلوا للنوع الأول وهو الطهور ببعض المتغيرات وتحكموا في التفريق بين المثماثلات في التغير كأن يتغير عن مخالطة، أو عن مجاورة، وفرقوا بين ما يشق صون الماء عنه وما لا يشق، وبين وضع ما وضع قصدا، وما لم يوضع قصدا، وحكموا على بعضها بالكراهة