وأما إن كان التغير لكثير صفة أو لصفة كاملة من صفات الماء فهنا يختلف الأمر تبعا لاختلاف أنواعه.
[فائدتان:]
[الفائدة الأولى - حد التغير الكثير:]
قال تقي الدين في " مجموع الفتاوى"(٢١/ ٢٨): (إن سوى بين التغير اليسير والكثير مطلقا كان مخالفا للنص وإن فرق بينهما لم يكن للفرق بينهما حد منضبط لا بلغة ولا شرع ولا عقل ولا عرف).
وهناك أنواعا من التغير تخرج الماء عن إطلاقه بحيث لا يسمى ماء بإطلاق بل يسمى مضافا كماء طبخ فيه باقلاء فأصبح ماء باقلاء مغلي ونحو ذلك، ومن الماء المضاف ماء الورد وهو الناتج عن معالجة فلا يصدق عليه اسم الماء بلا قيد، ومنه أيضا ما خالطه طاهر فغير اسمه وغلب على أجزائه حتى صار صبغا أو حبرا أو خلا أو مرقا ونحو ذلك، وفرق بين أن نقول ماء وقع فيه حبر أو زعفران وبين أن نقول زعفران أو حبر فيه ماء، فالأول الراجح فيه أن التغيير لم يخرجه عن إطلاقه وأنه لا يزال يتناوله اسم الماء، وأما الثاني فالتغير أخرجه عن اسمه فلا يشمله اسم الماء، ولا يطلب الري بشربه.
قال ابن قدامة في "المغني"(١/ ٢٤): (إن المضاف لا تحصل به الطهارة وهو على ثلاثة أضرب أحدها: ما لا تحصل به الطهارة رواية واحدة وهو على ثلاثة أنواع أحدها ما اعتصر من الطاهرات كماء الورد وماء القرنفل وما ينزل من عروق الشجر إذا قطعت رطبة.
الثاني: ما خالطه طاهر فغير اسمه وغلب على أجزائه حتى صار صبغا أو حبرا أو خلا أو مرقا ونحو ذلك.
الثالث: ما طبخ فيه طاهر فتغير به كماء الباقلا المغلي فجميع هذه الأنواع لا يجوز الوضوء بها ولا الغسل، لا نعلم فيه خلافا إلا ما حكي عن ابن أبي ليلى والأصم في المياه المعتصرة أنها طهور يرتفع بها الحدث ويزال بها النجس ولأصحاب الشافعي وجه في ماء الباقلا المغلي وسائر من بلغنا قوله من أهل العلم على خلافهم.