للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فائدة - علة النهي:]

قال تقي الدين في " مجموع الفتاوى" (٢١/ ٤٤): (وأما الحكمة (١) في غسل اليد ففيها ثلاثة أقوال: أحدها أنه خوف نجاسة تكون على اليد مثل مرور يده موضع الإستجمار مع العرق أو على زبلة ونحو ذلك والثاني أنه تعبد ولا يعقل معناه والثالث أنه من مبيت يده ملامسة للشيطان كما في الصحيحين عن أبى هريرة عن النبي أنه قال (إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنشق بمنخريه من الماء فان الشيطان يبيت على خيشومه) فأمر بالغسل معللا بمبيت الشيطان على خيشومه فعلم أن ذلك سبب للغسل عن النجاسة والحديث معروف وقوله (فان أحدكم لا يدري أين باتت يده) يمكن أن يراد به ذلك فتكون هذه العلة من العلل المؤثرة التي شهد لها النص بالاعتبار).

وقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - علة النهي بقوله: (فإنه لا يدري أين باتت يده).

قال ابن قدامة في " المغني" (١/ ٧٢): (احتمال النجاسة لا ينحصر في مس الفرج فإنه قد يكون في البدن بثرة أو دمل وقد يحك جسده فيخرج منه دم بين أظفاره أو يخرج من أنفه دم وقد تكون نجسة قبل نومه فينسى نجاستها لطول نومه ... ).

وقال النووي في " المجموع" (١/ ٣٤٨): (وقوله صلى الله عليه وسلم: (فإنه لا يدرى أين باتت يده) سببه ما قاله الشافعي رحمه الله وغيره أن أهل الحجاز كانوا يقتصرون على الاستنجاء بالأحجار وبلادهم حارة فإذا نام أحدهم عرق فلا يأمن


(١) الحكمة هي المعنى المناسب الذي قصده الشارع من الحكم، فمثلا الخمر محرم لعلة الإسكار، والحكمة من تحريمه: المحافظة على العقل من الاختلال، وفي التعليل بالحكمة خلاف، والراجح القول بالتفصيل، وحاصله: جواز التعليل بالحكمة إذا كانت ظاهرة ومنضبطة بنفسها أو بدليل خارج عنها، وتوافرت فيها الشروط المعتبرة في العلة (وهي: أن تكون مؤثرة، وغير معارضة بنص أو إجماع أو معنى أو علة أقوى منها، وأن تكون مطردة يوجد الحكم بوجودها وينعدم بعدمها، وسالمة من النقض أو الكسر) وعدم جواز التعليل بها إن لم تكن كذلك، وهو اختيار جمع من المحققين ومنهم تقي الدين ابن تيمية.

<<  <   >  >>