وأما الحديث فالمقصود بالأعمال فيه العبادات، وإزالة النجاسة من باب العادات لا يفتقر لنية، فلا تدخل في الحديث، قال تقي الدين في "مجموع الفتاوى"(١٨/ ٢٥٧): (قال بعض المتأخرين من أصحاب الشافعي وأحمد تشترط - أي النية - لإزالة النجاسة وهذا القول شاذ فإن إزالة النجاسة لا يشترط فيها عمل العبد بل تزول بالمطر النازل والنهر الجارى ونحو ذلك فكيف تشترط لها النية وأيضا فإن إزالة النجاسة من باب التروك لا من باب الأعمال).
[الحادية عشرة - التسمية:]
واشترط التسمية أيضا أبو الخطاب قياسا على الوضوء، وهذا القياس مع الفارق للنص على التسمية في الوضوء دون غمس اليدين، وليس هو مثله في أحكامه فافترقا.
وقد رجح ابن قدامة في "المغني"(١/ ٧٢) أن غسل اليد لا يفتقر لتسمية، وردَّ قياسه على الوضوء.
[حكم مسألة الباب:]
الحديث المذكور ليس فيه أن الماء يصير مستعملا، بل العلة كما هو ظاهر من الحديث هي احتمال وجود نجاسة في اليد، وكان الأولى أن يدور الخلاف بين العلماء على نجاسة الماء من عدمه، ولما كان الأصل في الماء الطهورية ونجاسة اليد مشكوك فيها فإنه لا ينتقل عن هذا الأصل بالشك، وعليه فهذا الماء طهور.
وقال ابن البهاء في "فتح الملك العزيز بشرح الوجيز"(١/ ١٤٠): (إذا غمس القائم من النوم لا يسلب الماء طهوريته، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد رضي الله عنه، وقدمه في المحرر والرعايتين والفائق، واختاره الشيخ موفق الدين وأبو العباس وابن رزين.
وقال الشيخ شمس الدين في الشرح: وهو الصحيح إن شاء الله؛ لأنه لم يُزِل مانعا ولم يلاق نجسا ... .
ولأن الماء قبل الغمس كان طهورا فبقي على الأصل.
ونهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن غمس اليدين كان لوهم النجاسة، فالوهم لا يزيل الطهورية ... ).