كالوضوء والغسل - يزيل ذلك الأمر الحكمي. فيزول المنع المرتب على ذلك الأمر المقدر الحكمي. وما نقول بأنه لا يرفع الحدث , فذلك المعنى المقدر القائم بالأعضاء حكما باق لم يزل. والمنع المرتب عليه زائل. فبهذا الاعتبار نقول: إن التيمم لا يرفع الحدث , بمعنى أنه لم يزل ذلك الوصف الحكمي المقدر وإن كان المنع زائلا. وحاصل هذا: أنهم أبدوا للحدث معنى رابعا , غير ما ذكرناه من الثلاثة المعاني. وجعلوه مقدرا قائما بالأعضاء حكما , كالأوصاف الحسية , وهم مطالبون بدليل شرعي يدل على إثبات هذا المعنى الرابع , الذي ادعوه مقدرا قائما بالأعضاء , فإنه منفي بالحقيقة , والأصل موافقة الشرع لها , ويبعد أن يأتوا بدليل على ذلك. وأقرب ما يذكر فيه: أن الماء المستعمل قد انتقل إليه المانع , كما يقال , والمسألة متنازع فيها. فقد قال جماعة بطهورية الماء المستعمل. ولو قيل بعدم طهوريته أو بنجاسته: لم يلزم منه انتقال مانع إليه. فلا يتم الدليل. والله أعلم).
قوله: وزوال، أولى ممن عبر بإزالة؛ وذلك لأن تطهير النجاسة لا يشترط لها النية فإن زالت بنفسها بدون قصد من المكلف طهرت.
وقد نقل ابن عبد البر الإجماع على ذلك فقال في " التمهيد"(٢٢/ ١٠١): (الإجماع على إزالة النجاسات من الأبدان والثياب بغير نية).
قال ابن مفلح في "الفروع"(١/ ٢٥٩): (غسالة النجاسة مع النية وعدمها سواء).
قال تقي الدين في " شرح العمدة "(١/ ١٦٦): (إزالة النجاسة من باب المتروك ولهذا لا يحتاج إلى عمل أصلا).
قال البهوتي في " كشاف القناع"(١/ ٤٨): (إزالة النجاسة لا يعتبر لها نية).
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (ص/٢٠): (وأما الطهارة فالخلاف في اشتراط النية لها مشهور وهو يرجع إلى أن الطهارة للصلاة هل هي عبادة مستقلة أم هي شرط من شروط الصلاة كإزالة النجاسة وستر العورة فمن لم يشترط لها النية جعلها كسائر شروط الصلاة ومن اشترط لها النية جعلها عبادة مستقلة فإذا كانت عبادة في نفسها لم تصح بدون النية وهذا قول جمهور العلماء ويدل على صحة ذلك تكاثر النصوص الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الوضوء يكفر الذنوب والخطايا وأن من توضأ كما أمر كان كفارة لذنوبه وهذا يدل على أن