إلا أنه مع ذلك قد جانبه الصواب في بعض المسائل، ومن ذلك (١):
لعل كثيرًا من طلبة العلم قرأ رسالة الشيخ مرعي الكرمي - رحمه الله - " أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات "، التي حققها الشيخ شعيب الأرنؤوط، وطبعتها مؤسسة الرسالة عام ١٤٠٦هـ. ولقد تبين لي من قراءتها:
١ - أن الشيخ مرعي يخلط بين مذهب السلف في الصفات (تفويض الكيفية)، ومذهب المفوضة (تفويض المعنى)، وهو مذهب كثير من الأشاعرة، ولهذا اضطربت عباراته ونقولاته.
مثلا: في ص ٦١ يقول: (إن مذهب السلف هو عدم الخوض في مثل هذا، والسكوت عنه، وتفويض علمه إلى الله تعالى). وفي ص ٦٥ يقول:(وجمهور أهل السنة، منهم السلف وأهل الحديث على الإيمان بها، وتفويض معناها المراد منها إلى الله تعالى، ولا نُفسرها، مع تنزيهنا له عن حقيقتها)، وفي ص ٢٠٠ ينقل عن البيهقي قوله:( .. التفويض أسلم)، ثم يُتبعه بقوله:(قلتُ: وبمذهب السلف أقول، وأدين الله تعالى به، وأسأله سبحانه الموت عليه). وانظر: ص ١١٨و١٨١و١٩٧.
٢ - أنه - رغم ذلك - يُجيز التأويل! فينقل - مثلا - عن ابن الهمام الحنفي ص ١٣٢قوله عن صفة الاستواء:(أما كون الاستواء بمعنى الاستيلاء على العرش مع نفي التشبيه فأمر جائز ... - إلى أن قال - إذا خيف على العامة عدم فهم الاستواء إلا بالاتصال ونحوه من لوازم الجسمية، فلا بأس بصرف فهمهم إلى الاستيلاء)!!
٣ - أنه ينقل تأويلات بعض الأشاعرة كابن فورك وغيره دون تعقب. انظر مثلا: ص ١٤١ و ١٥١ و١٥٥.
٤ - أنه يجعل صفات الله من المتشابه، انظر: ص ١٤٩و ١٧٣و١٨٢.
٥ - أنه ينقل كلامًا خطيرًا لابن الجوزي مؤيدًا له. وهو قوله ص ٢١٠: (وأكثر الخلق لا يعرفون من الإثبات إلا بما يعلمون من الشاهد، فيُقنع منهم بذلك