للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنَّ شَرْخَ الشَّبَابِ وَالشَّعَرَ الأَسْـ ... ـوَدَ مَا لَمْ يُعَاصَ كَانَ خَيُونَا (١)

و"حتَّى" كالواو، ولك في المعطوف بالفاء وجهان؛ لأنها -لِمَا لها من الترتيب- تقتضي إفرادَ فعل الثاني بعد الأول، فتقول: زيدٌ فعَمْرٌ قاما، فلا إشكالَ، و: قام، على الحذف من الأول، وهما حسنان، و"ثُمَّ" الأحسنُ معها الإفراد؛ لكثرة مُهْلَتِها الموجبةِ للإفراد، وفيما عداهما يُراعى المتأخر خاصةً، وقد يجيء مع "أَوْ" لهما، كقوله عزَّ وجلَّ: {فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} (٢).

الرابعة: عامل المعطوف ليس الحرفَ؛ لأنه لا يختصُّ، ولا مضمرٌ بعده؛ لفساده في: اختصم زيدٌ وعمرٌو، بل هو عامل المتبوع بوساطة الحرف (٣).

* مسألةٌ من "شرح المقرَّب" (٤) لأبي الحَسَن بنِ عُصْفُورٍ: إذا كان الاسم له موضعٌ يظهر في فصيح الكلام إلا أن لا مُحْرِزَ له؛ اختُلف في العطف على موضعه -وإذا كان الموضع لا يظهر في الفصيح لم يجز العطف على الموضع، نحو: مررت بزيدٍ؛ لأنه لا يجوز: مررت زيدًا؛ إلا في الشعر (٥) -:

فمنهم من أجاز ذلك، ومنهم من منع، نحو: هذا ضاربُ زيدٍ غدًا وعمرًا؛ أَلَا ترى أن "زيدًا" في موضع نصب، وأنه يجوز أن يظهر ذلك الموضع في الفصيح، فيقال: هذا ضاربٌ زيدًا غدًا؟ إلا أن ذلك الموضع ليس له مُحْرِزٌ؛ لأن طالبه إنما هو "ضارب" في حال تنوينه، و"ضارب" الآنَ غيرُ منوَّن.


(١) بيت من الخفيف، لحسان بن ثابت رضي الله عنه. شرخ الشباب: قوَّته ونضارته، ما لم يُعَاصَ: ما لم يُعْصَ. ينظر: الديوان بشرح البرقوقي ٤١٣، ومجاز القرآن ١/ ٢٥٨، والإبل للأصمعي ٨٣، والحيوان ٣/ ٥٥، ٦/ ٤٤٣ وأمالي ابن الشجري ٢/ ٤٤، وشرح التسهيل ١/ ١١٠.
(٢) النساء ١٣٥، وتمامها: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا}.
(٣) الحاشية في: وجه الورقة الملحقة بين ٢٤/ب و ٢٥/أ وظهرها.
(٤) لم أقف على ما يفيد بوجوده.
(٥) من قوله: «وإذا كان الموضع» إلى هنا مكتوب في هامش الورقة بلا علامة إلحاق، ولعل هذا موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>