للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لانتفاء الشَّرِكة في العامل، ولا مفعولًا معه؛ لعدم الفائدة في تقييد الذين يحبون مَنْ هاجر إليهم بمصاحبة الإيمان، فلم يبقَ إلا أن يكون بتقدير: وأَلِفُوا الإيمانَ.

وإنما قلنا: إنه لا فائدةَ في الإعلام بالمصاحبة؛ لأن كل المهاجرين صاحَبُوا الإيمان، ولكن منهم مَنْ أَلِف قلبُه الإيمانَ، ومنهم مَنْ لا؛ أَلَا ترى إلى قوله سبحانه: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} (١)؟ وذلك قد يتفق لمن كان منهم -رضوانُ الله عليهم أجمعين- ناشئًا في الإيمان لم يَطُلْ زمنُه فيه، وهذه الصفات المذكورة -وهي محبة مَنْ هاجر، وأنهم لا يَجِدون في صدورهم حاجةً مما أوتوا، وأنهم يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ- موقوفةٌ على إِلْف الإيمان، لا على مجرَّد الدخول فيه (٢).

* قولُه: «دَفْعًا لوَهْمٍ»: قال ابنُه (٣) بعد أن تكلَّم على الآية: وبهذا التقدير من الإضمار اندفع توهُّمُ أن يكون "الإيمان" مفعولًا معه، وإنما دُفع؛ لأنه لا فائدةَ في تقييد الذين يحبون مَنْ هاجر إليهم بمصاحبة الإيمان، بخلاف تقييدهم بإِلْف الإيمان. انتهى.

قلت: فـ: «دَفْعًا» مصدرٌ نائبٌ منابَ: ادفعْ، والوَهْمُ المدفوع إما أن يكون دُفِع لأجل الصناعة، أو لأجل المعنى، فالثاني كهذه الآية، والأولُ نحو: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ} (٤) (٥).

وحذف متبوع بدا هنا استَبِح ... وعطفُك الفعلَ على الفعل يضح (٦)

(خ ١)


(١) الحجرات ١٤.
(٢) الحاشية في: ١١٨.
(٣) شرح الألفية ٣٩٠.
(٤) البقرة ٣٥، والأعراف ١٩.
(٥) الحاشية في: ١١٨.
(٦) كذا في المخطوطة مكتوبةً بين السطرين، وفوقها كلمة "اتُّقي" من البيت السابق مهملة الياء، ويمكن أن تكون نقطة الضاد منها هي إحدى نقطتي ياء "اتُّقي"، وتكون النقطة الثانية قد انطمست بالكتابة عليها، وهي في نسخ الألفية العالية: «يَصِحّْ». ينظر: الألفية ١٣٨، البيت ٥٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>