للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا بنيت من ذلك اسمَ مفعولٍ قلت: مَقُول، بواو واحدة ساكنة بالإجماع، واتفقوا على أن ثَمَّ واوًا محذوفةً، وأن الأصل: مقتول (١)، كـ: مَضْرُوب، فنقلت حركة الأولى إلى ما قبلها، فاجتمع ساكنان، فحذف أحدهما، وهو الزائد عند سِيبَوَيهِ (٢)؛ لأن المراد التخفيف، والدلالةُ على البِنْية حاصلة بأيِّهما حذفت، وحذفُ الزائد أَوْلى من حذف الأصلي، ولأن ما عينُه ياء تَبقى ياؤه، نحو: مَبِيع، ومَسِير، ولو كان المحذوف الثانيةَ لقيل: مَبُوعًا، ومَسُورًا.

فإن قيل: الياء هنا مبدلة من الواو الزائدة؛ لأن العين نقلت حركتها إلى ما قبلها، فسكنت، ثم حذفت؛ لالتقاء الساكنين، وأبدلت الواو ياءً؛ تنبيهًا على الأصل، كما فُعل ذلك في: بِيض.

فالجواب: أن بقاء الأصلي أَوْلى من بقاء الزائد منبِّهًا على الأصل؛ إذ الأصل أقوى من دليله.

وأما: بِيض فقد قيل: إن ذلك لازم في الجمع؛ لثقل الواو والجمعِ، وقيل: إنما كان ذلك لإزالة اللبس؛ لأنك لو قلت: بُيُض، ثم سكنت الياء، لأُبدلت واوًا؛ لسكونها وانضمام ما قبلها، وكان يلتبس بقولك: دجاج بُيُض (٣)، إذا سكنت الياء، وليس كذلك: مَبِيع.

وقال الأَخْفَشُ (٤): المحذوفُ الأصليةُ، واحتجَّ بأن الواو والميم في "مَفْعُول" زيادتان زيدتا معًا؛ للدلالة على "مَفْعُول"، وشأنُ ما كان كذلك إذا حُذف أحدهما أن يُحذف الآخَرُ، والآخَرُ لم يحذف، فدل على أن أخاه لم يحذف، وبأن الساكنين / إذا اجتمعا حُذف أوَّلهما إذا كان الثاني لمعنًى، نحو: قَاضٍ، وعَصًا، حذفت الأصلي، وأبقيت الزائد، وبأنهم حذفوا الأول في المنفصل، نحو: يَغْزُو القومُ، فحَذْفُه في كلمة واحدة أَوْلى.

ع: هذا قياس فاسد؛ لأنهم استجازوا ذلك؛ لإمكان زوال المنفصل، وأما إذا كان


(١) كذا في المخطوطة، ولعل الصواب: مَقْوُول.
(٢) الكتاب ٤/ ٣٤٨.
(٣) جمع: بَيُوض، بمعنى: بائض. ينظر: القاموس المحيط (ب ي ض) ١/ ٨٦٥.
(٤) ينظر: المقتضب ١/ ٢٣٨، والأصول ٣/ ٢٨٣، والتكملة ٥٩٠، والمنصف ١/ ٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>