للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* ذكر ابنُ عُصْفُورٍ (١) في: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} (٢) أنَّ كون خبرِ "إِنَّ" محذوفًا، أي: إن الذين آمنوا لهم أجرهم، و"الصابئون" مبتدأٌ، والجملةُ الشرطية خبرٌ؛ أرجحُ من أن تكون الشرطيةُ خبرَ "إِنَّ"، وخبرُ "الصابئون" محذوفٌ؛ لئلا يلزم تقدُّمُ المعطوفِ على بعض المعطوف عليه، قال: وإنما جاز ذلك كما جاز:

جَمَعْتَ وَفُحْشًا غِيبَةً وَنَمِيمَةً (٣)

وغيرُه يعكس الترجيحَ؛ لأن في الحذف من الأول لدلالة الثاني ضعفًا.

واعتَرض على مَنْ جعله من باب العطف على الموضع، مثلَ قولهم: إنك وزيدٌ ذاهبان؛ بأنه كيف يُقال: إن الذين آمنوا مَنْ آمن منهم؟

وأجاب: بأن التقدير: مَنْ داوم منهم على الإيمان.

وقال غيره: إن الذين آمنوا بألسنتهم، وهم المنافقون.

والوجهان في: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا} (٤).

وفي هذه وجهٌ ثالثٌ: أن المراد: يا أهل الكتاب آمِنوا بمحمدٍ، أي: يا مَنْ آمن بموسى وبعيسى آمِنوا بهذا النبيِّ، ولا يمكن هذا التأويلُ هنا؛ لقوله سبحانه: {وَالَّذِينَ هَادُوا}، وقولِه تعالى: {وَالنَّصَارَى}.


(١) شرح جمل الزجاجي ١/ ٤٥٠، ٤٥١.
(٢) المائدة ٦٩، وتمامها: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
(٣) صدر بيت من الطويل، ليزيد بن الحكم الثقفي، وعجزه:
... ثلاثَ خصالٍ لستَ عنها بِمُرْعَوِي
مرعوٍ: من الارعواء، وهو الكف عن الشيء. ينظر: عيون الأخبار ٢/ ١٥، والأصول ١/ ٣٢٦، وإعراب القرآن للنحاس ٥/ ٢٠٠، والبصريات ١/ ٢٩٢، والخصائص ٢/ ٣٨٥، وأمالي ابن الشجري ١/ ٢٧١، وضرائر الشعر ٢١٠، وشرح التسهيل ٢/ ٢٥٣، والتذييل والتكميل ٨/ ١١٣، والمقاصد النحوية ٣/ ١٠٧٠، وخزانة الأدب ٣/ ١٣٠.
(٤) النساء ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>