للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنه عندهم: {وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} (١).

أجاب الجمهورُ بأن التقدير: أوَّل فريقٍ كافرٍ، و: أَلْأَم فريقٍ طاعمٍ، ثم أُقيمت الصفة مُقامَ موصوفِها، وقيل: لأنه في معنى: أوَّل مَنْ كَفَرَ، وقيل: أي: لا يكُنْ كلٌّ منكم أوَّلَ كافرٍ، كقولك: كَسَانا حُلَّةً ... (٢)، ولا مفهومَ لهذه الصفة، أي: لا يُراد: بل كونوا آخرَ كافرٍ.

ولَمَّا اعتَقد بعضُهم أن لها مفهومًا قال: زائدة، أعني: أوَّل.

وقال آخَرُ: حُذف المعطوف، أي: ولا آخرَ كافرٍ، ونُصَّ على الأول؛ لأنه أَفْحَشُ للابتداء به، ونظيرُه: قولُه (٣):

مِنْ أُنَاسٍ لَيْسَ فِي أَخْلَاقِهِمْ ... عَاجِلُ الفُحْشِ وَلَا سُوءُ الحرج (٤) (٥)

ولا يريد أن فيهم فُحْشًا آجلًا، بل لا فُحْشَ عندهم أَلْبَتَّةَ (٦).

* قولُه: «أو جُرِّدَ»: ذَكَر في "التَّسْهِيل" (٧) أنه إذا أُوِّل بما لا تفضيلَ فيه وجُرِّد فالغالبُ أن يكون كذلك، وقد يطابق، فمثالُ عدم المطابقة: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} (٨)، {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ} (٩)، {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} (١٠)، ومثالُ المطابقة:


(١) البقرة ٤١.
(٢) موضع النقط كلمة لم أتبينها في المخطوطة، ورسمها: تنبيه، وليست عند ياسين، وفي الكشاف ١/ ١٣١ والبحر المحيط ٩/ ٢١٩: كسانا حُلَّةً، أي: كل واحدٍ منا.
(٣) هو سُوَيد بن أبي كاهل اليشكري.
(٤) كذا في المخطوطة، والصواب ما في مصادر البيت: الجَزَع.
(٥) بيت من الرمل. ينظر: الديوان ٢٧، والمفضليات ١٩٤، والصاحبي ٣١٩.
(٦) الحاشية في: ٩٥، ونقلها ياسين في حاشية الألفية ١/ ٥٠٨.
(٧) ١٣٤، وينظر: شرحه ٣/ ٦٠، ٦١.
(٨) الفرقان ٢٤.
(٩) الإسراء ٤٧.
(١٠) طه ١٠٤، وق ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>