فإذا وصل عرفة اغتسل ندبا، وذهب إلى المصلى، وهو مسجد نمرة، وحضر خطبة الإمام، وصلى معه الظهر والعصر جمعا، ركعتين ركعتين، بأذانين وإقامتين، ولا يتنفل، ثم يروح الإمام لصعيد عرفة، قال ابن عرفة - رحمه الله تعالى - وفيها إذا فرغ من الصلاة دفع الناس بدفعه، أو بدفع من ناب عنه، لذكره منسية، أو مستخلفه لحدث، ابن حبيب - رحمه الله تعالى -: إذا سلم الإمام من جمعه، ركب فارتفع لعرفات، يقف راكبا عند الهضبات مع الناس يهللون ويكبرون ويحمدون، وكل عرفة موقف، وقرب الإمام أفضل، وقاله أشهب - رحمه الله تعالى - وروى الشيخ: لا أحب أن يقف على جبال عرفة، بل مع الناس، ليس موضع من ذلك أفضل من غيره، وفيها: إن وقف جنبا من احتلام أو على غير وضوء أجزأه، وكونه طاهرا أحب إلي، الشيخ عن ابن الماجشون - رحمهما الله تعالى -: لا أحب تعمد الوقوف بغير طهر، وروى ابن وهب وغيره: الركوب أحب إلي من الوقوف قائما، وقيده اللخمي - رحمه الله تعالى - بعدم إضرار الدواب، والرواية: يدعو الماشي قائما، فإن أعيا جلس، الشيخ: روى ابن حبيب - رحمهما الله تعالى - كراهة أن يستظل يومئذ من الشمس بشيء، ابن حبيب: إذا دعوت وسألت فابسط يديك، وإذا رهبت واستغفرت وتضرعت فحولهما، فلا يزال مستقبل القبلة خاشعا متواضعا كثير الذكر بالتهليل والتكبير والتحميد والتسبيح والصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم والاستغفار والدعاء لنفسك وأبويك حتى الغروب.
والمراد بالوقوف مجرد حضوره بعرفة، راكبا أو واقفا أو قاعدا أو مضطجعا، والركوب أفضل من الوقوف، والوقوف أفضل من الجلوس، والوقوف بالنهار واجب ينجبر بالدم، والوقوف باليل ركن، من فاته فلا حج له، وإن وقف أدنى جزء من اليل كفاه، ولو مارا إن نواه.