[باب صفة الوضوء ومسنونه ومفروضه وذكر الاستنجاء والاستجمار]
٨١ - ووصْل الاستنجا بأعمال الوضو ... ليس من الأمر الذي يفترض
٨٢ - وهو من باب انحتام الطهر ... من النجاسات جميعا يجري
٨٣ - ومثله بذاك الاستجمار ... فما له لقصد افتقار
الاستنجاء - قال القاضي في التنبيهات ـ: غسل موضع الحدث بالماء، وأصله: إزالة النجو، وهو الحدث، وسمي نجوا لاستتار من يفعله بنجوة من الأرض عن أعين الناس، وهو: ما ارتفع من الأرض، وقد يقال أيضا في إزالة ذلك بالأحجار، وجاء في الحديث، وقيل سمي استنجاء من قولهم: نَجَوْتَ العودَ إذا قشرته، وقيل من النجا، وهو الخلاص من الشيء، وإذا زال عنه فقد تخلص منه، وسمي استجمارا من الجمار وهي الحجارة الصغار التي يزال بها، وقيل من الاستجمار بالبخور والحجر، لأنه يطيب الموضع كما يطيبه البخور نقله أبو الحسن في الشفاء.
وقد أشار في هذه الأبيات إلى أن الاستنجاء والاستجمار من الأخبثين لا يطلب اتصالهما بالوضوء، لا وجوبا ولا ندبا، فالخطاب بذلك خطاب مستقل عن الخطاب بالوضوء، فالخطاب به من قبيل الخطاب بإزالة النجاسة التي تقدم ذكر الخلاف فيها هل تجب وجوب الفرائض أو وجوب السنن المؤكدة، وأما الوضوء فلا خلاف بين المسلمين في وجوبه وجوب الفرائض، وأنه شرط في صحة الصلاة، والآية الكريمة والأحاديث الصحيحة الصريحة المتضافرة مانعة من الخلاف في ذلك.
وقد أشار الشيخ -رحمه الله تعالى -بهذا إلى رد ما تعتقده العامة من أن الاستنجاء من الوضوء.
قوله: فما له لقصد افتقار، هو مفرع على كونه من قبيل إزالة النجاسة، فتطهير النجاسة لا يتوقف على نية، لأنها من باب التروك، والتروك يخرج المكلف من عهدة الخطاب فيها مع عدم العلم أصلا، وقد حكى جماعة الإجماع على عدم اشتراط النية في طهارة الخبث، منهم ابن القصار وابن الصلاح من الشافعية كما في المواهب، قال ابن عرفة -رحمه الله تعالى -ونقل القرافي عن التلخيص شرط النية في إزالتها لا أعرفه، بل نقل ابن القطان الإجماع على لغوها.