[باب في الجهاد]
٩٤٩ - ثم الجهاد واجب على الكفا ... ية، فإن يقم به بعض كفى
٩٥٠ - ولْيُدعَ أهل الكفر للإسلام ... إن لم يعاجلوا بالالتحام
٩٥١ - ثم لجزية إذا لم يقبلوا ... ذاك، فإن أبوا كذاك قوتلوا
٩٥٢ - وإنما الجزية في مقام ... يتبع في الأحكام للإسلام
٩٥٣ - فحيث عن ذا خرجوا، فليرحلوا ... له، فإن أبوا فليست تقبل
الجهاد من الجهد وهو التعب، فالجهاد المبالغة في إتعاب النفس في ذات الله سبحانه وتعالى قاله ابن رشد - رحمه الله تعالى -.
قوله: ثم الجهاد واجب البيت، أشار به إلى أن الجهاد فرض كفاية، لقوله سبحانه وتعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) الآية.
قال ابن عرفة - رحمه الله تعالى -: حاصل أنقال المذهب أنه فرض كفاية على قادر عليه لم ينزل به عدو، ولم يبلغه نزوله بمن عجز عن دفعه من مسلم أو ذمي، ونقل ابن القطان الإجماع.
ولوجوبه شروط وهي الإسلام، والحرية، والذكورية، والبلوغ، والعقل، والاستطاعة بصحة البدن وما يحتاج إليه من المال، قال جل من قائل: (ليس على الضعفاء ولا على المرضى) الآية، وقال صلى الله تعالى عليه وسلم: " رفع القلم عن ثلاث " (١) وقال سبحانه وتعالى: (وقرن في بيوتكن) والعبد لا يجد ما ينفق، نقله في التاج عن ابن رشد.
قوله: وليدع أهل الكفر البيتين، معناه أن الجيش مأمور بدعوة الكفار إلى الإسلام قبل قتالهم، فإن أبوا دعوا إلى الجزية، فإن أبوا قوتلوا، وقد اختلف في دعوتهم المذكورة قبل قتالهم هل هي واجبة وهو ظاهر حديث معاذ - رضي الله تعالى عنه - وهو قول مالك - رحمه الله تعالى - قال أصبغ: وبهذا كتب عمر بن عبد العزيز، لأنا إنما نقاتلهم على الدين، وإنه يخيل إليهم وإلى كثير منا أن ما نقاتلهم على الغلبة، فلا يقاتلون حتى يتبينوا، قيل لأصبغ: أرأيت من دعا إلى الإسلام والجزية فأبوا فقوتلوا مرارا، أيدعوا كلما غزوناهم؟
قال: أما الجيوش الغالبة الظاهرة فلا يقاتلوا قوما ولا حصنا حتى يدعوهم، لأنهم لم يخرجوا لطلب غرة ولا انتهاز فرصة، وإنما خرجوا ظاهرين قاهرين، وأما السرايا وشبهها التي تطلب الغرة وتنتهز الفرصة، فلا دعوة عليهم، لأن دعوتهم إنذار وتجليب عليهم، مع ما في الدعوة من الاختلاف، وقد قال جل الناس الدعوة بلغت جميع الأمم، نقله في التاج.
وقيل إن دعوتهم غير واجبة مطلقا، وقيل تجب في من بعدت داره خاصة، وقيل غير ذلك، وهذا كله ما لم يعاجلوا بالقتال، وإلا فلا تجب قولا واحدا.
(١) تقدم.