للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والسرف الزيادة على الحد المطلوب، والمد: المراد به مد النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - وهو ملء يدي الرجل الذى ليس بعظيم الكفين ولا صغيرهما، وهو رطل وثلث، والأربعة منه صاع، والصاع يذكر ويؤنث ويقال فيه: صُوع كفول، وصُواع كفؤاد ونكاح، جمعه: آصُع وأَصْوُع كأفلس، وصِيعان كقيعان، ومعنى البيتين أن تقليل الماء مع إتقان غسل العضو هو السنة وحكمه الندب، والسرف منه غلو وبدعة، وحكمه الكراهة، وقد جاء في الصحيح عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه كان يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، ويتوضأ بالمد، (١) والمراد على ما جاء عن ابن العربي أن الماء يبلغ في الآنية مبلغ مد الطعام فيها أو صاعه، ولا يراد بمد الماء ملء اليدين منه، وقد أنكر مالك - رحمه الله تعالى - التحديد بأن يسيل الماء أو يقطر، وقال: رأيت عباس بن عبد الله - وكان رجلا صالحا من أهل الفقه والفضل - يأخذ القدح فيجعل فيه قدر ثلث مد هشام فيتوضأ به ويفضل منه، ثم يقوم فيصلي بالناس، وظاهر كلامه يشهد لتفسير ابن العربي المد المتقدم، وقال فضل بن مسلمة: إنما أنكر مالك - رحمه الله تعالى - التحديد لا السيلان، إذ لو لم يسل لكان مسحا، ونحوه لابن محرز، وفسر ابن راشد على ابن الحاجب السيلان الذي أنكر مالك - رحمه الله تعالى - بالسيلان عن العضو لا السيلان عليه، وذهب ابن شعبان والباجي وأبو إسحاق التونسي وابن العربي إلى أنه لا يجزئ في الوضوء أقل من المد، ولا في الغسل أقل من الصاع، والصواب الأول وقد جاء في حديث عبد الله بن زيد - رضى الله تعالى عنه - أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - توضأ فأُتِي بإناء فيه ماء قدر ثلثي المد (٢)


(١) متفق عليه.
(٢) رواه أبو داوود والنسائي وهو حديث صحيح.

<<  <   >  >>