يخلف عليه في الثمانين، وإن كان الخوف لشدة حر أو برد، أقيم عليه الثمانون وأخر بالمائة، وإن كان الخوف لضعف بنية ابتدئ بالجلد عن الزنى، وأقيم عليه منه ما يؤمن عليه معه، ثم يستكمل وقتا بعد وقت، فإذا أكملت المائة ضرب للشرب، وإن كان الحقان لآدمي لأنه قطع يد هذا، وقذف هذا، اقترعا أيهما يبدأ بإقامة حقه من غير مراعاة للآكد، وإن كان فيه محمل لأحدهما دون الآخر أقيم عليه الأدنى من غير قرعة، وإن كان أحدهما لله سبحانه وتعالى والآخر لآدمي بدئ بما هو لله سبحانه وتعالى، إلا أن لا يكون فيه محمل إلا لما هو لآدمي، فيقام عليه، ويؤخر ما كان لله عز وجل لوقت لا يخاف عليه، وإن كان الخوف في أي وقت أقيم عليه، وكان الحق الذي هو لله سبحانه وتعالى جلدا، ابتدئ به متفرقا، ويقام عليه ما كان للآدمي.
قوله: وشارب المسكر البيت، معناه أن من شرب مسكرا يجلد ثمانين جلدة إذا كان حرا، وأول من فعل ذلك عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - بعد أن استشار في ذلك، ويجلد العبد أربعين، وقد روى مالك - رحمه الله تعالى - من فعل عمر وعثمان وعبد الله بن عمر - رضي الله تعالى عنهم أجمعين -.
قال مالك - رحمه الله تعالى -: والسنة عندنا أن كل من شرب شرابا مسكرا فسكر أو لم يسكر فقد وجب عليه الحد.
قوله: وجردن البيتين، معناه أن الرجل يجرد في الحد من الثياب إلا ما يستر عورته، وأما المرأة فإنما تجرد مما يمنع ألم الضرب، ويجلد المحدود قاعدا، ويضرب على الظهر والكتفين، دون سائر الأعضاء، ولا يربط ولا يمد، وتخلى له يداه يتقي بهما، وبلغ مالكا - رحمه الله تعالى - أن بعض الأئمة أقعد المرأة في قفة فأعجبه ذلك، والقفة: آنية كالحوض من الخوص ونحوه.