للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن أبي زيد - رحمه الله تعالى - في جامعه: وسئل مالك - رحمه الله تعالى - عن ضرب الكبر، وعن المزمار ينالك سماعه، وتجد له لذة، في طريق أو مجلس، قال: فليقم إذا التذ لذلك، إلا أن يكون جلس لحاجة، أو لا يقدر أن يقوم، وأما الطريق فليرجع، أو يتقدم، أو يتأخر، قيل: فالصنيع فيه اللهو؟ قال: لا يصلح لذي الهيئة أن يحضر اللعب، قيل: فاللهو فيه البوق؟ قال: إذا كان كثيرا مشهورا فلا أحبه، قال: ولا بأس بالدف في العرس، قال أصبغ: وهو الغربال المكشوف من ناحية، وفي الكبر في العرس بعض الرخصة.

قوله: وهكذا أيضا سماع الباطل البيت، معناه أن سماع الباطل منهي عنه، وقد ذكروا أن حكم المستمع في سماعه، حكم المتكلم في كلامه، فإذا كان الكلام ممنوعا، كالغيبة والنميمة ونحوهما كان الاستماع ممنوعا، وإذا كان الكلام بالفضول الذي لا حرمة فيه، فالإعراض عنه مطلوب في الجملة، لا سيما في حق أهل العلم والفضل، وقد ذكر القاضي عياض - رحمه الله تعالى - أن مالكا - رحمه الله تعالى - كان لا يراه أحد من أهله ولا من أصدقائه إلا متعمما، لابسا ثيابه، لا يضحك، ولا يتكلم في ما لا يعنيه، ويقول: لا يكون العالم عالما حتى يكون كذلك، وحتى يحتاط لنفسه بما لو تركه لم يكن عليه فيه إثم، نقله المواق في سنن المهتدين.

قوله: كذا استماع صوت من ليست تحل البيت، معناه أن الاستماع لصوت الأجنبية تلذذا به، واستحسانا له، غير جائز، ويكره الاستماع إلى ما لا تدعو الحاجة إليه منه مطلقا، إلا أن تكون متجالة، وما يقع في عبارة بعض أهل المذهب من أن صوتها عورة، لا يراد به أن سماعه على كل حال كرؤية بدنها مكشوفا، بل المراد به أنه يدعو إلى الفتنة بها، كما يقال المرأة عورة، وقد قال بعض الشعراء:

والاذن تعشق قبل العين أحيانا

<<  <   >  >>