للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال جل من قائل: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) واشترط العلماء لذلك ثلاثة شروط، أحدها علم الآمر والناهي الحكم في ما يأمر به وما ينهى عنه، فالجاهل بالحكم لا يحل له النهي ولا الأمر على ما يراه، فذلك افتراء على الله - سبحانه وتعالى - وهو من أعظم المناكر، كما قال سبحانه وتعالى: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) الثاني ألا يؤدي إنكاره إلى ما هو أعظم مما أنكر، اتفاقا إذا كان ذلك في غير الناهي، كأن ينهاه عن الشرب فيقتل نفسا أخرى، وعلى المعول إذا كان في الناهي، بأن علم أنه إذا نهاه عن الشرب قتله، الثالث ظن الإفادة أو تحققها، وهذا شرط في الوجوب، وأما الشرطان قبله فهما مشترطان في الجواز، والمعروف ما أمر الشرع به، والمنكر ما نهى عنه اتفاقا، فإن اختلف فيه فإن كان فاعله يعتقد الحرمة أنكر عليه، وإن كان يعتقد الإباحة لم ينكر عليه، إلا أن يكون مدرك الإباحة ضعيفا جدا، بحيث ينقض حكم الحاكم به، ولا يشترط في ما علم نهي الشرع عنه ولم يختلف فيه اختلافا معتبرا أن يكون الفاعل عاصيا، قال القرافي في الفروق: قال بعض العلماء لا يشترط في النهي عن المنكر أن يكون ملابسه عاصيا، بل يشترط أن يكون ملابسا لمفسدة واجبة الدفع، أو تاركا لمصلحة واجبة الحصول، وله أمثلة أحدها أمر الجاهل بمعروف لا يعرف وجوبه، ونهيه عن منكر لا يعرف تحريمه، كنهي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أممهم أول بعثتهم، وثانيها قتال البغاة وهم على تأويل، وثالثها ضرب الصبيان على ملابسة الفواحش، ورابعها قتل الصبيان والمجانين إذا صالوا على الدماء والأبضاع ولم يمكن دفعهم إلا بقتلهم إلخ ... قال ابن رشد - رحمه الله تعالى -: إذا كثرت المناكر في الطرقات من حمل الخمر فيها، ومشي الرجال مع النساء الشواب يحادثوهن، وما أشبه ذلك من المناكر الظاهرة، وجب على الإمام تغييرها جهده، بأن يولي من يجعل

<<  <   >  >>