مَا نَعْلَمُهُ إِلَّا رَافِعَ بْنَ عَمْرٍو فَإِنَّهُ كَانَ رَبِيلًا، فَسَأَلْتُ طَارِقًا: مَا الرَّبِيلُ؟ قَالَ: اللِّصُّ الَّذِي يَغْزُو الْقَوْمَ وَحْدَهُ فَيَسْرِقُ.
قَالَ رَافِعٌ: فَلَمَّا قَضَيْنَا غَزَاتَنَا وَانْتَهَيْتُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كُنَّا خَرَجْنَا مِنْهُ تَوَسَّمْتُ أَبَا بَكْرٍ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا صَاحِبَ الْحَلَالِ إِنِّي تَوَسَّمْتُكَ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِكَ فَائْتِنِي بِشَيْءٍ إِذَا حَفِظْتُهُ كُنْتُ مِنْكُمْ وَمِثْلَكُمْ. فَقَالَ: أَتَحْفَظُ أَصَابِعَكَ الْخَمْسَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: اشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ إِنْ كَانَ لَكَ مَالٌ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، حَفِظْتَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: وَأُخْرَى: لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ. قُلْتُ: وَهَلْ تَكُونُ الْإِمْرَةُ إِلَّا فِيكُمْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ قَالَ: يُوشِكُ أَنْ تَفْشُوا حَتَّى تَبْلُغَكَ وَمَنْ هُوَ دُونَكَ، إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - لَمَّا بَعَثَ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ النَّاسُ فِي الْإِسْلَامِ، فَمِنْهُمْ مَنْ دَخَلَ فَهَدَاهُ اللَّهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَكْرَهَهُ السَّيْفُ، فَهُمْ عُوَّادُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَجِيرَانُ اللَّهِ فِي خِفَارَةِ اللَّهِ، إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ أَمِيرًا فَتَظَالَمَ النَّاسُ بَيْنَهُمْ فَلَمْ يَأْخُذْ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ انْتَقَمَ اللَّهُ مِنْهُ، إِنِ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَتُؤْخَذُ شَاةُ جَارِهِ فَيَظَلُّ نَاتِئَ عَضَلَتِهِ غَضَبًا لِجَارِهِ وَاللَّهُ مِنْ وَرَاءِ جَارِهِ قَالَ رَافِعٌ: فَمَكَثْتُ سَنَةً، ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتُخْلِفَ فَرَكَنْتُ إِلَيْهِ قُلْتُ: أَنَا رَافِعٌ كَنْتُ لَقِيتُكَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا قَالَ: عَرَفْتُ قَالَ: كُنْتَ نَهَيْتَنِي عَنِ الْإِمَارَةِ ثُمَّ رَكَبْتَ أَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: نَعَمْ فَمَنْ لَمْ يُقِمْ فِيهِمْ كِتَابَ اللَّهِ فَعَلَيْهِ بَهْلَةُ اللَّهِ - يَعْنِي لَعْنَةَ اللَّهِ».
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
٩٠٣٠ - وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَأَلْتُهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ فَاسْتَوَى جَالِسًا فَقَالَ: أَصْبَحْتُ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا. فَقَالَ: أَمَا إِنِّي عَلَى مَا تَرَى وَجِعٌ، وَجَعَلْتُمْ لِيَ شُغْلًا مَعَ وَجَعِي، جَعَلْتُ لَكُمْ عَهْدًا مِنْ بَعْدِي، وَاخْتَرْتُ لَكُمْ خَيْرَكُمْ فِي نَفْسِي، فَكُلُّكُمْ وَرِمٌ لِذَلِكَ أَنْفُهُ، رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ لَهُ، وَرَأَيْتُ الدُّنْيَا أَقْبَلَتْ وَلَمَّا تُقْبِلُ وَهِيَ جَائِيَةٌ، وَسَتَجِدُونَ بُيُوتَكُمْ بِسُتُورِ الْحَرِيرِ وَنَضَائِدِ الدِّيبَاجِ، وَتَأْلَمُونَ ضَجَائِعَ الصُّوفِ الْأَذْرَبِيِّ كَأَنَّ أَحَدَكُمْ عَلَى حَسَكِ السَّعْدَانِ، وَاللَّهِ لَأَنْ يُقَدَّمَ أَحَدُكُمْ فَيُضْرَبَ عُنُقُهُ فِي غَيْرِ حَدٍّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسِيحَ فِي غَمْرَةِ الدُّنْيَا.
ثُمَّ قَالَ: أَمَّا إِنِّي لَا آسَى عَلَى شَيْءٍ إِلَّا عَلَى ثَلَاثٍ فَعَلْتُهُنَّ وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْهُنَّ، وَثَلَاثٌ لَمْ أَفْعَلْهُنَّ وَدِدْتُ أَنِّي فَعْلَتُهُنَّ وَثَلَاثٌ وَدِدْتُ أَنِّي سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute