يَا مُحَمَّدُ ذَلِكَ لِغَيْرِ نَائِلَةٍ لِي مِنْهُمْ، وَلَكِنِّي خَرَجْتُ أَبْتَغِي هَذَا الدِّينَ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى أَحْبَارِ فَدَكٍ، وَجَدْتُهُمْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيُشْرِكُونَ بِهِ. قَالَ: قُلْتُ: مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي أَبْتَغِي، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى أَحْبَارِ الشَّامِ، فَوَجَدْتُهُمْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيُشْرِكُونَ بِهِ، قَلَّتُ: مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي أَبْتَغِي، فَقَالَ شَيْخٌ مِنْهُمْ: إِنَّكَ لَتَسْأَلُ عَنْ دِينٍ مَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَعْبُدُ اللَّهَ بِهِ إِلَّا شَيْخًا بِالْحِيرَةِ. قَالَ: فَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ بَيْتِ اللَّهِ مَنْ أَهْلِ الشَّوْكِ وَالْقَرْظِ، فَقَالَ: إِنَّ الدِّينَ الَّذِي تُطْلُبُ قَدْ ظَهَرَ بِبِلَادِكَ، قَدْ بُعِثَ نَبِيٌّ قَدْ ظَهَرَ نَجْمُهُ، وَجَمِيعُ مَنْ رَأَيْتَهُمْ فِي ضَلَالٍ، فَلَمْ أُحِسَّ بِشَيْءٍ بَعْدُ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: وَقَرَّبَ إِلَيْهِ السُّفْرَةَ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ: " شَاةٌ ذَبَحْنَاهَا لِنُصُبٍ مِنَ الْأَنْصَابِ ". فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِآكُلَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
قَالَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ: فَأَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيْتَ [قَالَ: وَتَفَرَّقْنَا] فَطَافَ بِهِ وَأَنَا مَعَهُ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ صَنَمَانِ مِنْ نُحَاسٍ، أَحَدُهُمَا يُقَالُ لَهُ: يَسَافُ، وَالْآخَرُ يُقَالُ لَهُ: نَائِلَةُ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ إِذَا طَافُوا تَمَسَّحُوا بِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا تَمْسَحْهُمَا ; فَإِنَّهُمَا رِجْسٌ ". فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَأَمَسَّنَّهُمَا حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَقُولُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَسَسْتُهُمَا " يَا زَيْدُ، أَلَمْ تُنْهَ؟ " وَمَاتَ زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو، وَأُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّهُ يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ».
رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي خَرَجْتُ لَهُ، فَقَالَ: كُلُّ مَنْ رَأَيْتَ فِي ضَلَالٍ، وَإِنَّكَ لَتَسْأَلُ عَنْ دِينِ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ، وَقَدْ خَرَجَ فِي أَرْضِكَ نَبِيٌّ أَوْ هُوَ خَارِجٌ، فَارْجِعْ فَصَدِّقْهُ وَآمِنْ بِهِ.
وَقَالَ أَيْضًا: فَقَالَ زَيْدٌ: إِنِّي لَا آكُلُ شَيْئًا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ.
وَرِجَالُ أَبِي يَعْلَى، وَالْبَزَّارِ، وَأَحَدُ أَسَانِيدِ الطَّبَرَانِيِّ، رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ.
١٦١٨٣ - وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: كَانَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَقِفُ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَيَلْزَقُ ظَهْرَهُ إِلَى صَفْحَتِهَا، وَيَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَا [أَجِدُ] عَلَى الْأَرْضِ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي [وَكَانَ تَرَكَ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ، وَأَكْلَ مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ]، وَكَانَ يَفْدِي الْمَوْءُودَةَ أَنْ تُقْتَلَ، وَقَالَ عَمْرُو [بْنُ زَيْدِ] بْنِ نُفَيْلٍ:
عُزِلَتِ الْجِنُّ وَالْجَنَانُ عَنِّي ... كَذَلِكَ يَفْعَلُ الْجَلِدُ الصَّبُورُ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
[بَابُ مَا جَاءَ فِي قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ]
١٦١٨٤ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: " أَيُّكُمْ يَعْرِفُ الْقُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيَّ؟ ". فَقَالُوا: كُلُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَعْرِفُهُ قَالَ: " فَمَا فَعَلَ؟ ". قَالُوا: هَلَكَ قَالَ: " مَا أَنْسَاهُ بِعُكَاظٍ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اجْتَمِعُوا وَاسْمَعُوا وَعُوا، مَنْ عَاشَ مَاتَ، وَمَنْ مَاتَ فَاتَ، وَكُلُّ مَا هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute