اسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَالَ: رَبِّ آسِنِّي لِمَا أَمْضَيْتَ، فَأَعِنِّي عَلَى مَا أَبْقَيْتَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَبْكِي فَيَسْتَعْبِرُ لَهُ صُوَيْحِبُهُ، فَيَا عِبَادَ اللَّهِ لَا تُعَذِّبُوا مَوْتَاكُمْ ". ثُمَّ كَتَبَ لَهَا فِي قِطْعَةِ أَدِيمٍ أَحْمَرَ: " لِقَيْلَةَ وَالنِّسْوَةِ مِنْ بَنَاتِ قَيْلَةَ لَا يُظْلَمْنَ حَقًّا، وَلَا يُكْرَهْنَ عَلَى مُنْكِحٍ، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُسْلِمٍ لَهُنَّ نَصِيرٌ، أَحْسِنَّ وَلَا تُسِئْنَ».
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ: فَسَّرَهُ لَنَا ابْنُ عَائِشَةَ، فَقَالَ: الْفُرْصَةُ: ذَاتُ الْحَدَبِ، وَالْفُرْصَةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْمِسْكِ، وَالْفُرْصَةُ: الدَّوْلَةُ، انْتَهِزْ فُرْصَتَكَ، أَيْ: دَوْلَتَكَ.
السَّبِيجُ: سَمَلُ كِسَاءٍ. الرَّتَكَانُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ. الِانْتِفَاجُ: السَّعْيُ. شَنَحَ: أَيْ وَلَّاكَ مَيَامِنَهُ، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَجْعَلُ مَيَاسِرَهُ، وَهُمْ يَتَطَيَّرُونَ بِأَحَدِهِمَا وَيَتَفَاءَلُونَ بِالْآخَرِ. تَفَاجَّ: تَفَتَّحَ. فَوَأَلْنَا: أَيْ لَجَأْنَا إِلَى حِوَاءٍ. يَا دَفَارُ: يَا مُنْتِنَةُ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ فِي الدُّنْيَا: أُمُّ دَفْرٍ لِنَتِنِهَا. ثُمَّ سَدَّتْ عَنْهُ: اسْتَخْبَرَتْ عَنْهُ. الْمَقْشُوُّ: الْمَقْشُورُ. الْفَتَّانُ: الشَّيَاطِينُ وَأَحَدُهَا فَاتِنٌ.
" حَتْفُهَا تَحْمِلُ ضَأْنٌ بِأَظْلَافِهَا ": مَثَلٌ مِنْ أَمْثَالِ الْعَرَبِ فِي شَاةٍ بَحَثَتْ بِأَظْلَافِهَا فِي الْأَرْضِ، فَأَظْهَرَتْ مُدْيَةً، فَذُبِحَتْ بِهَا، فَصَارَ مَثَلًا.
الْقَضِيَّةُ: انْقِضَاءُ الْأُمُورِ. شَخَصَ: أَيِ ارْتَفَعَ بَصَرِي. فَكَسْرًا: مِنْ إِكْسَارِ مَا سَمِعَتْ. آسِنِّي: أَيِ اجْعَلْ لِي أُسْوَةً بِمَا تَعِظُنِي بِهِ، قَالَ مُتَمِّمُ بْنُ نُوَيْرَةَ:
فَقُلْتُ لَهَا طُولَ الْأَسَى إِذْ سَأَلَتْنِي ... وَلَوْعَةُ حُزْنٍ تَتْرُكُ الْوَجْهَ أَسْفَعَا.
أَسَفَعُ: أَيْ أَسْوَدُ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْجِزْيَةِ]
٩٧٩٧ - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: «لَمَّا خَرَجَ الْمَجُوسِيُّ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلْتُهُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَهُ بَيْنَ الْجِزْيَةِ وَالْقَتْلِ، فَاخْتَارَ الْجِزْيَةَ».
رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى لَمْ يُدْرِكْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ.
٩٧٩٨ - وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «كَانَ الْمَجُوسُ لَهُمْ كِتَابٌ يَقْرَؤُونَهُ، وَعِلْمٌ يَدْرُسُونَهُ، فَزَنَى إِمَامُهُمْ، فَأَرَادُوا أَنْ يُقِيمُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَقَالَ لَهُمْ: أَلَيْسَ آدَمُ كَانَ يُزَوِّجُ بَنِيهِ مِنْ بَنَاتِهِ؟ فَلَمْ يُقِيمُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، فَرُفِعَ الْكِتَابُ، وَقَدْ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجِزْيَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَنَا».
رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ أَبُو سَعْدٍ الْبَقَّالُ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
٩٧٩٩ - وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ، وَأَنَّ عُمَرَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ فَارِسَ، وَأَخَذَهَا عُثْمَانُ مِنْ بَرْبَرَ».
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ،