قَدْ عَبَدُوا الْآلِهَةَ الَّتِي عِبْتَ، وَإِنْ كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ خَيْرٌ مِنْهُمْ، فَتَكَلَّمْ حَتَّى نَسْمَعَ قَوْلَكَ، أَمَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا سَخْطَةً أَشْأَمَ عَلَى قَوْمِكَ مِنْكَ، فَرَّقْتَ جَمَاعَتَنَا، وَشَتَّتْتَ أَمْرَنَا، وَعِبْتَ دِينَنَا، وَفَضَحْتَنَا فِي الْعَرَبِ حَتَّى طَارَ فِيهِمْ: أَنَّ فِي قُرَيْشٍ سَاحِرًا، وَأَنَّ فِي قُرَيْشٍ كَاهِنًا وَاللَّهِ، مَا نَنْتَظِرُ إِلَّا مِثْلَ صَيْحَةِ الْحُبْلَى، بِأَنْ يَقُومَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ بِالسُّيُوفِ، حَتَّى نَتَفَانَى أَيُّهَا الرَّجُلُ، إِنْ كَانَ إِنَّمَا بِكَ الْحَاجَةُ، جَمَعْنَا لَكَ مِنْ أَمْوَالِنَا حَتَّى تَكُونَ أَغْنَى قُرَيْشٍ رَجُلًا، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا بِكَ الْبَاءَةُ، فَاخْتَرْ أَيَّ نِسَاءِ قُرَيْشٍ فَنُزَوِّجَكَ عَشْرًا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَفَرَغْتَ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " {حم - تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [فصلت: ١ - ٢] " حَتَّى بَلَغَ: " {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: ١٣] " فَقَالَ عُتْبَةُ: حَسْبُكَ حَسْبُكَ، مَا عِنْدَكَ غَيْرُ هَذَا؟ قَالَ: " لَا ". فَرَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟ فَقَالَ: مَا تَرَكْتُ شَيْئًا أَرَى أَنَّكُمْ تُكَلِّمُونَهُ بِهِ إِلَّا كَلَّمْتُهُ. قَالُوا: هَلْ أَجَابَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَالَّذِي نَصَبَهَا بَنِيَّةً، مَا فَهِمْتُ شَيْئًا مِمَّا قَالَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} [فصلت: ١٣]. قَالُوا: وَيْلَكَ، يُكَلِّمُكَ رَجُلٌ بِالْعَرَبِيَّةِ فَلَا تَدْرِي مَا قَالَ؟! قَالَ: لَا وَاللَّهِ، مَا فَهِمْتُ شَيْئًا مِمَّا قَالَ غَيْرَ ذِكْرِ الصَّاعِقَةِ».
رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ الْأَجْلَحُ الْكِنْدِيِّ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفُهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.
٩٨٢٥ - وَعَنْ حُمَيْدِ بْنِ مُنْهِبٍ قَالَ: «بَلَغَ مُعَاوِيَةَ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَشْتُمُ أَبَا سُفْيَانَ، فَقَالَ: بِئْسَ لَعَمْرُ اللَّهِ مَا يَقُولُ فِي عَمِّهِ، لَكِنِّي لَا أَقُولُ فِي عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا خَيْرًا، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ امْرَأً صَالِحًا، خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى بَادِيَةٍ لَهُ مُرْدِفًا هِنْدٌ، وَخَرَجْتُ أَسِيرُ أَمَامَهُمَا - وَأَنَا غُلَامٌ - عَلَى حِمَارَةٍ، إِذْ لَحِقْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: انْزِلْ يَا مُعَاوِيَةُ، حَتَّى يَرْكَبَ مُحَمَّدٌ. فَنَزَلْتُ عَنِ الْحِمَارَةِ، فَرَكِبَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَارَ أَمَامَهُمَا هُنَيْهَةً، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِمَا، فَقَالَ: " يَا أَبَا سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَيَا هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ، وَاللَّهِ لَتَمُوتُنَّ، ثُمَّ لَتُبْعَثُنَّ، ثُمَّ لَيَدْخُلَنَّ الْمُحْسِنُ الْجَنَّةَ، وَالْمُسِيءُ النَّارَ، وَأَنَّ مَا أَقُولُ لَكُمْ حَقٌّ، وَإِنَّكُمْ أَوَّلُ مَنْ أُنْذِرْتُمْ ". ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " {حم - تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [فصلت: ١ - ٢] ". حَتَّى بَلَغَ: " {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: ١١] ". فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ: أَفَرَغْتَ يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْحِمَارَةِ، وَرَكِبْتُهَا، فَأَقْبَلَتْ هِنْدٌ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَتْ: أَلِهَذَا السَّاحِرِ الْكَذَّابِ أَنْزَلْتَ ابْنِي؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ بِسَاحِرٍ، وَلَا كَذَّابٍ».
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ. وَحُمَيْدُ بْنُ مُنْهِبٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute