فَوَقَفَتَا بِفَمِ الْغَارِ. وَأَتَى الْمُشْرِكُونَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ حَتَّى كَانُوا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قَدْرِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا مَعَهُمْ قِسِيِّهِمْ وَعِصِيِّهِمْ، وَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَنَظَرَ فَرَأَى الْحَمَامَتَيْنِ، فَرَجَعَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: لَيْسَ فِي الْغَارِ شَيْءٌ رَأَيْتُ حَمَامَتَيْنِ عَلَى فَمِ الْغَارِ، فَعَرَفْتُ أَنْ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ فَسَمِعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلَهُ فَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ دَرَأَ بِهِمَا عَنْهُ، فَسَمَّتَ عَلَيْهِمَا، وَفَرَضَ جَزَاءَهُمَا، وَاتَّخَذَ فِي حَرَمِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَرْخَيْنِ، أَحْسَبُهُ قَالَ: فَأَصْلُ كُلِّ حَمَامٍ فِي الْحَرَمِ مِنْ فِرَاخِهِمَا».
رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ أَعْرِفْهُمْ.
٩٩٠٥ - وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْتِينَا بِمَكَّةَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ مِنْ ذَلِكَ جَاءَنَا فِي الظَّهِيرَةِ، فَقَالَتْ: يَا أَبَتِ، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبِأَبِي وَأُمِّي مَا جَاءَ بِهِ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا أَمْرٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " هَلْ شَعَرْتَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ؟ ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَالصَّحَابَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " الصَّحَابَةُ ". قَالَ: إِنَّ عِنْدِي رَاحِلَتَيْنِ قَدْ عَلَفْتُهُمَا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا انْتِظَارًا لِهَذَا الْيَوْمِ فَخُذْ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَ: " بِثَمَنِهَا يَا أَبَا بَكْرٍ "، فَقَالَ: بِثَمَنِهَا بِأَبِي وَأُمِّي إِنْ شِئْتَ، قَالَتْ: فَهَيَّأْنَا لَهُمْ سُفْرَةً، ثُمَّ قَطَعَتْ نِطَاقَهَا فَرَبَطَتْهَا بِبَعْضِهِ، فَخَرَجَا فَمَكَثَا فِي الْغَارِ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ، فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَيْهِ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ الْغَارَ قَبْلَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ فِيهِ حَجَرًا إِلَّا أَدْخَلَ فِيهِ إِصْبَعَهُ ; مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ هَامَةٌ، وَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ حِينَ فَقَدُوهُمَا فِي بِغَائِهِمَا، وَجَعَلُوا فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةَ نَاقَةٍ، وَخَرَجُوا يَطُوفُونَ فِي جِبَالِ مَكَّةَ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْجَبَلِ الَّذِي هُمَا فِيهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِرَجُلٍ [يَرَاهُ] مُوَاجِهٍ الْغَارَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيَرَانَا، فَقَالَ: " كَلَّا إِنَّ مَلَائِكَةً تَسْتُرُنَا بِأَجْنِحَتِهَا ". فَجَلَسَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَبَالَ مُوَاجِهَ الْغَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَوْ كَانَ يَرَانَا مَا فَعَلَ هَذَا ". فَمَكَثَا ثَلَاثَ لَيَالٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ غَنَمًا لِأَبِي بَكْرٍ وَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا فَيُصْبِحُ مَعَ الرُّعَاةِ فِي مَرَاعِيهَا، وَيَرُوحُ مَعَهُمْ وَيُبْطِئُ فِي الْمَشْيِ حَتَّى إِذَا أَظْلَمَ اللَّيْلُ انْصَرَفَ بِغَنَمِهِ إِلَيْهِمَا، فَتَظُنُّ الرُّعَاةُ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute