خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ وَكَانَتِ امْرَأَةً بَرْزَةً جَلْدَةً، تَحْتَبِي بِفَنَاءِ الْقُبَّةِ، وَتُسْقِي وَتُطْعِمُ، فَسَأَلُوهَا لَحْمًا وَتَمْرًا لِيَشْتَرُوهُ مِنْهَا، فَلَمْ يُصِيبُوا عِنْدَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمَلِينَ مُسْنَتِينَ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى شَاةٍ فِي كَسْرِ الْخَيْمَةِ، فَقَالَ: " مَا هَذِهِ الشَّاةُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ؟ ". قَالَتْ: خَلَّفَهَا الْجُهْدُ عَنِ الْغَنَمِ قَالَ: " فَهَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ؟ ". قَالَتْ: هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: " أَتَأْذَنِينَ أَنْ أَحْلِبَهَا؟ ". قَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، نَعَمْ، إِنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْبًا فَاحْلِبْهَا، فَدَعَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَسَحَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا وَسَمَّى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَدَعَا اللَّهَ فِي شَأْنِهَا، فَتَفَاجَّتْ عَلَيْهِ، وَدَرَّتْ وَاجْتَرَّتْ، وَدَعَا بِإِنَاءٍ يَرْبِضُ الرَّهْطَ، فَحَلَبَ فِيهِ ثَجًّا حَتَّى عَلَاهُ الْبَهَاءُ، ثُمَّ سَقَاهَا حَتَّى رَوِيَتْ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رُوُوا، وَشَرِبَ آخِرُهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَرَاضُوا، ثُمَّ حَلَبَ فِيهَا ثَانِيًا بَعْدَ مَدَى حَتَّى مَلَأَ الْإِنَاءَ، ثُمَّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا، ثُمَّ بَايَعَهَا وَارْتَحَلُوا عَنْهَا، فَقَلَّمَا لَبِثَتْ أَنْ جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا يَتَسَاوَكْنَ هُزَالًا، مُخُّهُنَّ قَلِيلٌ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَعْبَدٍ اللَّبَنَ عَجِبَ، وَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ، وَالشَّاةُ عَازِبٌ حِيَالٌ، وَلَا حَلُوبَةَ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ إِلَّا أَنَّهُ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ مِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا قَالَ: صِفِيهِ لِي يَا أُمَّ مَعْبَدٍ. قَالَتْ: رَأَيْتُ رَجُلًا ظَاهِرَ الْوَضَاءَةِ، أَبْلَجَ الْوَجْهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute