كَتَبْنَا عَلَيْكُمْ كِتَابًا: أَنَّكُمْ أَكْذَبُ أَهْلِ بَيْتٍ فِي الْعَرَبِ، قَالَ الْعَبَّاسُ: فَوَاللَّهِ مَا كَانَ مِنِّي إِلَيْهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنِّي جَحَدْتُ وَأَنْكَرْتُ أَنْ تَكُونَ رَأَتْ شَيْئًا.
قَالَ الْعَبَّاسُ: فَلَمَّا أَمْسَيْتُ أَتَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَتْ: رَضِيتُمْ مِنْ هَذَا الْفَاسِقِ يَتَنَاوَلُ رِجَالَكُمْ ثُمَّ يَتَنَاوَلُ نِسَاءَكُمْ، وَأَنْتَ تَسْمَعُ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَكَ نَكِيرٌ؟! وَاللَّهِ لَوْ كَانَ حَمْزَةُ مَا قَالَ مَا قَالَ. فَقُلْتُ: قَدْ وَاللَّهِ فَعَلَ، وَمَا كَانَ مِنِّي إِلَيْهِ نَكِيرُ شَيْءٍ، وَايْمُ اللَّهِ لِأَتَعَرَّضَنَّ لَهُ، فَإِنْ عَادَ لَأَكْفِيَنَّكُمْ.
قَالَ الْعَبَّاسُ: فَغَدَوْتُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ رُؤْيَا عَاتِكَةَ وَأَنَا مُغْضَبٌ عَلَى أَنَّهُ فَاتَنِي أَمْرٌ أُحِبُّ أَنْ أُدْرِكَ شَيْئًا مِنْهُ قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَمْشِي نَحْوَهُ، وَكَانَ رَجُلًا خَفِيفًا، حَدِيدَ الْوَجْهِ، حَدِيدَ اللِّسَانِ، حَدِيدَ الْبَصَرِ، إِذْ خَرَجَ نَحْوَ الْمَسْجِدِ يَسْتَنِدُ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا لَهُ لَعَنَهُ اللَّهُ؟ أَكَلَ هَذَا فَرَقَّ مِنِّي أَنْ أُشَاتِمَهُ، فَإِذَا هُوَ قَدْ سَمِعَ مَا لَمْ أَسْمَعْ سَمِعَ صَوْتَ ضَمْضَمِ بْنِ زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ، بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ يَصْرُخُ بِبَطْنِ مَكَّةَ الْوَادِي قَدْ جَدَعَ بَعِيرَهُ، وَحَوَّلَ رَحْلَهُ، وَشَقَّ قَمِيصَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، قَدْ خَرَجَ مُحَمَّدٌ فِي أَصْحَابِهِ مَا أَرَاكُمْ تُدْرِكُونَهَا الْغَوْثَ الْغَوْثَ، قَالَ الْعَبَّاسُ: فَشَغَلَنِي عَنْهُ وَشَغَلَهُ عَنِّي مَا جَاءَ مِنَ الْأَمْرِ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
٩٩٤٧ - وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاكِنَةً مَعَ أَخِيهَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَرَأَتْ رُؤْيَا قُبَيْلَ بَدْرٍ فَفَزِعَتْ فَأَرْسَلَتْ إِلَى أَخِيهَا عَبَّاسٍ مِنْ لَيْلَتِهَا حِينَ فَزِعَتْ وَاسْتَيْقَظَتْ مِنْ نَوْمِهَا فَقَالَتْ: قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا وَقَدْ خَشِيتَ مِنْهَا عَلَى قَوْمِكَ الْهَلَكَةَ.
قَالَ: وَمَا رَأَيْتِ؟ قَالَتْ: لَنْ أُحَدِّثَكَ حَتَّى تُعَاهِدَنِي أَنْ لَا تَذْكُرَهَا، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَسْمَعُوهَا آذَوْنَا فَأَسْمَعُونَا مَا لَا نُحِبُّ، فَعَاهَدَهَا عَبَّاسٌ، فَقَالَتْ: رَأَيْتُ رَاكِبًا أَقْبَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ يَصِيحُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا آلَ غَدْرٍ، وَيَا آلَ فُجْرٍ، اخْرُجُوا مِنْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ.
ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَصَرَخَ فِي الْمَسْجِدِ ثَلَاثَ صَرَخَاتٍ، وَمَالَ عَلَيْهِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَفَزِعَ النَّاسُ لَهُ أَشَدَّ الْفَزَعِ، ثُمَّ أَرَاهُ مَثُلَ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَصَرَخَ ثَلَاثَ صَرَخَاتٍ: يَا آلَ غَدْرٍ، وَيَا آلَ فُجْرٍ، اخْرُجُوا فِي لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ حَتَّى أَسْمَعَ بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، ثُمَّ عَمَدَ لِصَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ فَنَزَعَهَا مِنْ أَصْلِهَا ثُمَّ أَرْسَلَهَا عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَأَقْبَلَتِ الصَّخْرَةُ لَهَا دَوِيٌّ حَتَّى إِذَا كَانَتْ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute