هُوَ إِلَّا أَنْ وَقَعَ صَوْتُهُ فِي أَسْمَاعِهِمْ فَأَقْبَلُوا رَاجِعِينَ، فَحَمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ، وَانْحَازَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ عَلَى جُبَيْلٍ - أَوْ قَالَ: عَلَى أَكَمَةٍ - فِي زُهَاءِ سِتِّمِائَةٍ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: أَرَى وَاللَّهِ كَتِيبَةً قَدْ أَقْبَلَتْ، فَقَالَ: حِلُّوهُمْ لِي، فَقَالُوا: سِيمَاهُمْ كَذَا، حِلْيَتُهُمْ كَذَا. قَالَ: لَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ، قُضَاعَةُ مُنْطَلِقَةٌ فِي آثَارِ الْقَوْمِ.
فَقَالُوا: نَرَى وَاللَّهِ كَتِيبَةً خَشْنَاءَ قَدْ أَقْبَلَتْ. قَالَ: حِلُّوهُمْ لِي. قَالُوا: سِيمَاهُمْ كَذَا، حِلْيَتُهُمْ كَذَا. قَالَ: لَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ هَذِهِ سُلَيْمٌ.
ثُمَّ قَالُوا: نَرَى فَارِسًا قَدْ أَقْبَلَ، قَالَ: وَيْلَكُمُ، وَحْدَهُ؟ قَالُوا: وَحْدَهُ. قَالَ: حِلُّوهُ لِي، قَالُوا: مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ، قَالَ دُرَيْدٌ: ذَاكَ وَاللَّهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَهُوَ وَاللَّهِ قَاتِلُكُمْ، وَمُخْرِجُكُمْ مِنْ مَكَانِكُمْ هَذَا، قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: عَلَامَ هَؤُلَاءِ هَاهُنَا؟ فَمَضَى وَمَنِ اتَّبَعَهُ فَقَتَلَ بِهَا ثَلَاثَ مِائَةٍ وَحَزَّ رَأْسَ دُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ، فَجَعَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ».
رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمِ بْنِ صُهَيْبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِكَثْرَةِ غَلَطِهِ وَتَمَادِيهِ فِيهِ، وَقَدْ وُثِّقَ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.
١٠٢٦٥ - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «لَمَّا اسْتَقْبَلْنَا وَادِيَ حُنَيْنٍ قَالَ: انْحَدَرْنَا فِي وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ تِهَامَةَ أَجْوَفَ حَطُوطٍ إِنَّمَا نَنْحَدِرُ فِيهِ انْحِدَارًا، قَالَ: وَفِي عَمَايَةِ الصُّبْحِ، وَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ قَدْ كَمَنُوا لَنَا فِي شِعَابِهِ، وَفِي أَجْنَابِهِ، وَمَضَائِقِهِ، قَدْ أَجْمَعُوا وَتَهَيَّئُوا وَأَعَدُّوا.
قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا رَاعَنَا وَنَحْنُ مُنْحَطُّونَ إِلَّا الْكَتَائِبُ قَدْ شَدَّتْ عَلَيْنَا شَدَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَانْهَزَمَ النَّاسُ رَاجِعِينَ فَانْشَمَرُوا لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ.
وَانْحَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ الْيَمِينِ، ثُمَّ قَالَ: " إِلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ، إِلَّا أَنَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَهْطًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ غَيْرَ كَثِيرٍ.
وَفِي مَنْ ثَبَتَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَمِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَابْنُهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ، وَرَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَأَيْمَنُ بْنُ عُبَيْدٍ وَهُوَ ابْنُ أُمِّ أَيْمَنَ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.
قَالَ: وَرَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ، فِي يَدِهِ رَايَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ فِي رَأْسِ رُمْحٍ لَهُ طَوِيلٍ أَمَامَ النَّاسِ وَهَوَازِنُ خَلْفَهُ، فَإِذَا أَدْرَكَ طَعَنَ بِرُمْحِهِ، فَإِذَا فَاتَهُ النَّاسُ رَفَعَ لِمَنْ وَرَاءَهُ فَاتَّبَعُوهُ».
١٠٢٦٦ - قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ