للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَا أَجْرَأَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى مَا تُخْبِرُ بِهِ مُنْذُ الْيَوْمِ! فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا نَافِعُ وَعَدِمَتْكَ، أَلَا أُخْبِرُكَ مَنْ هُوَ أَجْرَأُ مِنِّي؟ قَالَ: مَنْ هُوَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: رَجُلٌ تَكَلَّمَ بِمَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ، أَوْ كَتَمَ عِلْمًا عِنْدَهُ.

قَالَ: صَدَقْتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَتَيْتُكَ لِأَسْأَلَكَ، قَالَ: هَاتِ يَا ابْنَ الْأَزْرَقِ فَسَلْ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ} [الرحمن: ٣٥]، مَا الشُّوَاظُ؟ قَالَ: اللَّهَبُ الَّذِي لَا دُخَانَ فِيهِ.

قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ:

أَلَا مِنْ مُبْلِغٍ حَسَّانَ عَنِّي ... مُغَلْغَلَةً تَدِبُّ إِلَى عُكَاظٍ

أَلَيْسَ أَبُوكَ قَيْنًا كَانَ فِينَا ... إِلَى الْفَتَيَاتِ فَسْلًا فِي الْحِفَاظِ

يَمَانِيًّا يَظَلُّ يَشِبُّ كِيرًا ... وَيَنْفُخُ دَائِبًا لَهَبَ الشُّوَاظِ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: {وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: ٣٥]، مَا النُّحَاسُ؟ قَالَ: الدُّخَانُ الَّذِي لَا لَهَبَ فِيهِ، قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا سَمِعْتَ نَابِغَةَ بَنِي ذُبْيَانَ يَقُولُ:

يُضِيءُ كَضَوْءِ سِرَاجِ السَّلِيـ ـطِ ... لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ فِيهِ نُحَاسًا.

يَعْنِي: دُخَانًا.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ} [الإنسان: ٢]، قَالَ: مَاءُ الرَّجُلِ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ إِذَا اجْتَمَعَا فِي الرَّحِمِ كَانَا مَشْجًا. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أَبِي ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيِّ وَهُوَ يَقُولُ:

كَأَنَّ النَّصْلَ وَالْفَوْقَيْنِ فِيهِ ... خِلَافُ الرِّيشِ سِيطَ بِهِ مَشِيجُ.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} [القيامة: ٢٩]، مَا السَّاقُ بِالسَّاقِ؟ قَالَ: الْحَرْبُ. قَالَ: هَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أَبِي ذُؤَيْبٍ.

أَخُو الْحَرْبِ إِنْ عَضَّتْ بِهِ الْحَرْبُ عَضَّهَا ... وَإِنْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِهَا الْحَرْبُ شَمَّرَا.

قَالَ: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: ٧٢]، وَمَا الْبَنُونَ وَالْحَفَدَةُ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>