أَسِفًا فَقَالَ لَهُمْ مَا سَمِعْتُمْ فِي الْقُرْآنِ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ، ثُمَّ إِنَّهُ عَذَرَ أَخَاهُ فَاسْتَغْفَرَ لَهُ وَانْصَرَفَ إِلَى السَّامِرِيِّ، فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: قَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ وَفَطِنْتُ لَهَا وَعَمِيَتْ عَلَيْكُمْ فَقَذَفْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا، وَلَوْ كَانَ إِلَهًا لَمْ يَخْلُصْ إِلَى ذَلِكَ مِنَّا، فَاسْتَيْقَنَ بَنُو إِسْرَائِيلَ، وَاغْتَبَطَ الَّذِينَ كَانَ رَأْيُهُمْ فِيهِ مِثْلَ رَأْيِ هَارُونَ وَقَالُوا - جَمَاعَتُهُمْ - لِمُوسَى: سَلْ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يَفْتَحَ لَنَا بَابَ تَوْبَةٍ نَصْنَعُهَا وَيُكَفِّرَ لَنَا مَا عَمِلْنَا. فَاخْتَارَ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِذَلِكَ - لِإِتْيَانِ الْجَبَلِ - مِمَّنْ لَمْ يُشْرِكْ فِي الْعِجْلِ. فَانْطَلَقَ بِهِمْ لِيَسْأَلَ لَهُمُ التَّوْبَةَ، فَرَجَعَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ، فَاسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ مِنْ قَوْمِهِ وَوَفْدِهِ حِينَ فَعَلَ بِهِمْ مَا فَعَلَ قَالَ: رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا وَفِيهِمْ مَنْ كَانَ اللَّهُ اطَّلَعَ عَلَى مَا أُشْرِبَ مِنْ حُبِّ الْعِجْلِ وَإِيمَانًا بِهِ، فَلِذَلِكَ رَجَفَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ فَقَالَ: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَقَالَ: رَبِّ سَأَلْتُكَ التَّوْبَةَ فَقُلْتَ: إِنَّ رَحْمَتَكَ كَتَبْتَهَا لِقَوْمٍ غَيْرِ قَوْمِي، فَلَيْتَكَ أَخَّرْتَنِي حَتَّى تُخْرِجَنِي حَيًّا فِي أُمَّةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْمَرْحُومَةِ، فَقَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لَهُ: إِنَّ تَوْبَتَهُمْ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ كُلَّ مَنْ لَقِيَ مِنْ وَالِدٍ وَوَلَدٍ، فَيَقْتُلُهُ بِالسَّيْفِ لَا يُبَالِي مَنْ قَتَلَ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ. وَيَأْبَى أُولَئِكَ الَّذِينَ خَفِيَ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ مَا اطَّلَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَاعْتَرَفُوا بِهَا وَفَعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ فَغَفَرَ اللَّهُ لِلْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ. ثُمَّ سَارَ بِهِمْ مُوسَى مُتَوَجِّهًا نَحْوَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، وَأَخَذَ الْأَلْوَاحَ بَعْدَمَا سَكَنَ عَنْهُ الْغَضَبُ، وَأَمَرَهُمْ بِالَّذِي أَمَرَهُمْ بِهِ أَنْ يُبَلِّغَهُمْ مِنَ الْوَظَائِفِ، فَثَقُلَ وَأَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا بِهَا، فَنَتَقَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَبَلَ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ، وَدَنَا مِنْهُمْ حَتَّى خَافُوا أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ، فَأَخَذُوا الْكِتَابَ بِأَيْمَانِهِمْ وَهُمْ مُصْغُونَ إِلَى الْجَبَلِ وَالْأَرْضِ، وَالْكِتَابُ بِأَيْدِيهِمْ، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى الْجَبَلِ مَخَافَةَ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ مَضَوْا حَتَّى أَتَوُا الْأَرْضَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute