للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ قَالَ لَهُ أَبُوهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، اخْرُجْ فَقَاتِلْ. فَقَالَ: يَا أَبَتَاهُ، تَأْمُرُنِي أَنْ أَخْرُجَ فَأُقَاتِلَ، وَقَدْ سَمِعْتَ مَا سَمِعْتَ يَوْمَ يَعْهَدُ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَعْهَدُ؟ قَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، أَلَمْ يَكُنْ آخِرُ مَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَخَذَ بِيَدِكَ فَوَضَعَهَا فِي يَدِي ثُمَّ قَالَ: " أَطِعْ أَبَاكَ؟ ". قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَإِنِّي أَعْزِمُ أَنْ تَخْرُجَ فَتُقَاتِلَ. فَخَرَجَ مُتَقَلِّدًا بِسَيْفٍ، فَلَمَّا انْكَشَفَتِ الْحَرْبُ أَنْشَأَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَقُولُ:

شَبَّتِ الْحَرْبُ فَأَعْدَدْتُ لَهَا ... مُقَرَّعَ الْحَارِكِ مَرْوِيَّ الثَبَجْ

يَصِلُ الشَّدَّ بِشَدٍّ وَإِذَا ... وَثَبَ الْحَبْلُ مِنَ الشَّدِّ مَعَجْ

جَرْشَعَ أَعْظُمُهُ جِفْرَتُهُ ... فَإِذَا ابْتَلَّ مِنَ الْمَاءِ حَدَجْ.

وَأَنْشَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَقُولُ:

وَلَوْ شَهِدَتْ جَمَلٌ مَقَامِي وَمَشْهَدِي ... بِصِفِّينَ يَوْمًا شَابَ مِنْهَا الذَّوَائِبُ

عَشِيَّةَ جَا أَهْلُ الْعِرَاقِ كَأَنَّهُمْ ... سَحَابُ رَبِيعٍ رَفَعَتْهُ الْجَنَائِبُ

وَجِئْنَاهُمْ نُرْدَى كَأَنَّ صُفُوفَنَا ... مِنَ الْبَحْرِ مَوْجٌ مَدُّهُ مُتَرَاكِبُ

إِذَا قُلْتُ: قَدْ وَلَّوْا سِرَاعًا بَدَتْ لَنَا ... كَتَائِبُ مِنْهُمْ وَارْجَحَنَّتْ كَتَائِبُ

فَدَارَتْ رَحَانَا وَاسْتَدَارَتْ رَحَاهُمْ ... سَرَاةَ النَّهَارِ مَا تَوَلَّى الْمَنَاكِبُ

فَقَالُوا لَنَا إِنَّا نَرَى أَنْ تُبَايِعُوا ... عَلِيًّا فَقُلْنَا لَا نَرَى أَنْ تُضَارِبُوا».

قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُ أَوَّلِهِ.

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قُدَامَةَ الْجُمَحِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُ.

١٢٠٤٨ - وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ عَلِيٍّ صِفِّينَ، وَقَدْ وَكَّلْنَا بِفَرَسِهِ رَجُلَيْنِ، فَكَانَتْ إِذَا كَانَتْ مِنَ الرَّجُلِ غَفْلَةٌ غَمَزَ عَلِيٌّ فَرَسَهُ فَإِذَا هُوَ فِي عَسْكَرِ الْقَوْمِ فَيَرْجِعُ إِلَيْنَا وَقَدْ خَضَّبَ سَيْفَهُ دَمًا وَيَقُولُ: يَا أَصْحَابِي، اعْذُرُونِي اعْذُرُونِي. فَكُنَّا إِذَا تَوَادَعْنَا دَخَلَ هَؤُلَاءِ فِي عَسْكَرِ هَؤُلَاءِ، فَكَانَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ عَلَمًا لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَسْلُكُ عَمَّارٌ وَادِيًا مِنْ أَوْدِيَةِ صِفِّينَ إِلَّا تَبِعَهُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَانْتَهَيْنَا إِلَى هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقَدْ رَكَزَ الرَّايَةَ، فَقَالَ: مَا لَكَ يَا هَاشِمُ أَعَوَرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>