بِالرِّفْقِ وَالْقَوْلِ السَّدِيدِ، وَلَا تَكُنْ فَظًّا وَلَا مُتَكَبِّرًا وَلَا حَسُودًا "، فَأَتَيْتُ قَوْمِي فَقُلْتُ: يَا بَنِي رِفَاعَةَ، يَا مَعَاشِرَ جُهَيْنَةَ، إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْكُمْ أَدْعُوكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَأُحَذِّرُكُمُ النَّارَ، وَآمُرُكُمْ بِحَقْنِ الدِّمَاءِ وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ، وَعِبَادَةِ اللَّهِ وَرَفْضِ الْأَصْنَامِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرٌ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، فَمَنْ أَجَابَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ عَصَى فَلَهُ النَّارُ. يَا مَعْشَرَ جُهَيْنَةَ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَكُمْ خِيَارَ مَنْ أَنْتُمْ مِنْهُ، وَبَغَّضَ إِلَيْكُمْ فِي جَاهِلِيَّتِكُمْ مَا حَبَّبَ إِلَى غَيْرِكُمْ، مِنْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، وَيَخْلُفُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ عَلَى امْرَأَةِ أَبِيهِ، وَالْغَزَاةِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَأَجِيبُوا هَذَا النَّبِيَّ الْمُرْسَلَ مِنْ بَنِي لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، تَنَالُوا شَرَفَ الدُّنْيَا وَكَرَامَةَ الْآخِرَةِ، وَسَارِعُوا فِي ذَلِكَ يَكُنْ لَكُمْ فَضِيلَةٌ عِنْدَ اللَّهِ، فَأَجَابُوهُ إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا قَالَ: يَا عَمْرُو بْنَ مُرَّةَ - أَمَرَّ اللَّهُ عَيْشَكَ - تَأْمُرُنَا أَنْ نَرْفُضَ آلِهَتَنَا، وَنُفَرِّقَ جَمَاعَتَنَا، وَنُخَالِفَ دِينَ آبَائِنَا إِلَى مَا يَدْعُو إِلَيْهِ هَذَا الْقُرَشِيُّ مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ؟ لَا، وَلَا حُبًّا وَلَا كَرَامَةَ، ثُمَّ أَنْشَأَ الْخَبِيثُ يَقُولُ:
إِنَّ ابْنَ مُرَّةَ قَدْ أَتَى بِمَقَالَةٍ لَيْسَتْ مَقَالَةَ مَنْ يُرِيدُ صَلَاحَا إِنِّي لَأَحْسَبُ قَوْلَهُ وَفِعَالَهُ يَوْمًا وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ رِيَاحَا أَيُسَفَّهُ الْأَشْيَاخُ مِمَّنْ قَدْ مَضَى؟ مَنْ رَامَ ذَاكَ فَلَا أَصَابَ فَلَاحَا.
فَقَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: الْكَاذِبُ مِنِّي وَمِنْكَ أَمَرَّ اللَّهُ فَمَهُ، وَأَبْكَمَ لِسَانَهُ، وَأَكْمَهَ عَيْنَيْهِ، وَأَسْقَطَ أَسْنَانَهُ، قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ: فَوَاللَّهِ مَا مَاتَ حَتَّى سَقَطَ فُوهُ، وَكَانَ لَا يَجِدُ طَعْمَ الطَّعَامِ، وَعُمِيَ وَخُرِسَ، فَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ قَوْمِهِ حَتَّى أَتَوُا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَحَّبَ بِهِمْ وَحَبَاهُمْ وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا هَذِهِ نُسْخَتُهُ: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِتَابٌ صَادِقٌ وَحَقٌّ نَاطِقٌ لِعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ لِجُهَيْنَةَ بْنِ زَيْدَانَ، لَكُمْ بُطُونُ الْأَرْضِ وَسُهُولُهَا وَتِلَاعُ الْأَوْدِيَةِ وَظُهُورُهَا، تَرْعَوْنَ نَبَاتَهُ وَتَشْرَبُونَ صَافِيَهِ عَلَى أَنْ تُقِرُّوا بِالْخَمْسِ، وَتُصَلُّوا صَلَاةَ الْخَمْسِ، وَفِي السِّعَةِ وَالصُّرَيْمَةِ شَاتَانِ إِذَا اجْتَمَعَتَا، وَإِنْ تَفَرَّقَتَا فَشَاةٌ شَاةٌ، لَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْمُثِيرَةِ صَدَقَةٌ ". وَشَهِدَ عَلَى نَبِيِّنَا وَمَنْ حَضَرَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِكِتَابِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجُهَنِيُّ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute