مُحَارِبٍ، فَعَرَضَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُحَارِبٍ يُقَالُ لَهُ: غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَقَلِّدٌ السَّيْفَ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَعْطِنِي سَيْفَكَ هَذَا، فَسَلَّهُ وَنَاوَلَهُ إِيَّاهُ، فَهَزَّهُ وَنَظَرَ إِلَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَا يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: " اللَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْكَ ". فَارْتَعَدَتْ يَدُهُ حَتَّى سَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ، فَتَنَاوَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: " يَا غَوْرَثُ، مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ ". قَالَ: لَا أَحَدَ بِأَبِي أَنْتَ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " اللَّهُمَّ اكْفِنَا غَوْرَثَ وَقَوْمَهُ ".
ثُمَّ أَقْبَلْنَا رَاجِعِينَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعُشِّ طَيْرٍ يَحْمِلُهُ، فِيهِ فِرَاخٌ، وَأَبَوَاهَا يَتْبَعَانِهِ وَيَقَعَانِ عَلَى يَدِ الرَّجُلِ، فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ فَقَالَ: " أَتَعْجَبُونَ بِفِعْلِ هَذَيْنِ الطَّيْرَيْنِ بِفِرَاخِهِمَا؟ وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذَيْنِ الطَّيْرَيْنِ بِفِرَاخِهِمَا ". ثُمَّ أَقْبَلْنَا رَاجِعِينَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِحَرَّةِ وَاقِمٍ عَرَضَتْ لَنَا الْأَعْرَابِيَّةُ - الَّتِي جَاءَتْ بِابْنِهَا - بِوَطْبٍ مِنْ لَبَنٍ وَشَاةٍ، فَأَهْدَتْهُ لَهُ. فَقَالَ: " مَا فَعَلَ ابْنُكِ؟ هَلْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ يُصِيبُهُ؟ ". قَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ يُصِيبُهُ. وَقَبِلَ هَدِيَّتَهَا.
وَأَقْبَلْنَا، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَهْبِطٍ مِنَ الْحَرَّةِ أَقْبَلَ جَمَلٌ يُرْقِلُ فَقَالَ: " أَتَدْرُونَ مَا قَالَ هَذَا الْجَمَلُ؟ ". قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " هَذَا جَمَلٌ جَاءَنِي يَسْتَعْدِينِي عَلَى سَيِّدِهِ ; يَزْعُمُ أَنَّهُ كَانَ يَحْرُثُ عَلَيْهِ مُنْذُ سِنِينَ، حَتَّى إِذَا أَجْرَبَهُ وَأَعْجَفَهُ وَكَبِرَ سِنُّهُ أَرَادَ أَنْ يَنْحَرَهُ، اذْهَبْ يَا جَابِرُ إِلَى صَاحِبِهِ فَائْتِ بِهِ ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَعْرِفُ صَاحِبَهُ. قَالَ: " إِنَّهُ سَيَدُلُّكَ عَلَيْهِ ". قَالَ: فَخَرَجَ بَيْنَ يَدَيْهِ مُعَنِّقًا حَتَّى وَقَفَ بِي فِي مَجْلِسِ بَنِي خَطْمَةَ، فَقُلْتُ: أَيْنَ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ؟ قَالُوا: هَذَا جَمَلُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، فَجِئْتُهُ، فَقُلْتُ: أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ مَعِي حَتَّى جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " جَمَلُكَ يَسْتَعْدِي عَلَيْكَ، زَعَمَ أَنَّكَ حَرَثْتَ عَلَيْهِ زَمَانًا حَتَّى أَجَرَبْتَهُ، وَأَعْجَفَتْهُ وَكَبِرَ سِنُّهِ، أَرَدْتَ أَنْ تَنْحَرَهُ؟ ". فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " بِعْنِيهِ ". قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَابْتَاعَهُ مِنْهُ، ثُمَّ سَيَّبَهُ فِي الشَّجَرِ حَتَّى نَصَبَ سَنَامًا، فَكَانَ إِذَا اعْتَلَّ عَلَى بَعْضِ الْمُهَاجِرِينَ أَوِ الْأَنْصَارِ مِنْ نَوَاضِحِهِمْ شَيْءٌ أَعْطَاهُ ايَّاهُ، فَمَكَثَ بِذَلِكَ زَمَانًا».
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ: كَانَتْ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ تُسَمَّى غَزْوَةَ الْأَعَاجِيبِ.
قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ بَعْضُهُ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَالْبَزَّارُ بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ، وَفِيهِ عَبْدُ الْحَكِيمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute