وَكَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنِ الْمَجَرَّةِ، وَعَنِ الْقَوْسِ، وَعَنِ الْبُقْعَةِ الَّتِي لَمْ تُصِبْهَا الشَّمْسُ إِلَّا سَاعَةً وَاحِدَةً.
قَالَ: فَلَمَّا أَتَى مُعَاوِيَةَ الْكِتَابُ وَالرَّسُولُ قَالَ: إِنَّ هَذَا شَيْءٌ مَا كُنْتُ أُرَاهُ أُسْأَلُ عَنْهُ إِلَى يَوْمِي هَذَا، فَطَوَى مُعَاوِيَةُ الْكِتَابَ - كِتَابَ هِرَقْلَ - فَبَعَثَ بِهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ الْقَوْسَ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الْغَرَقِ، وَالْمَجَرَّةَ بَابُ السَّمَاءِ الَّذِي تَنْشَقُّ مِنْهُ، وَأَمَّا الْبُقْعَةُ الَّتِي لَمْ تُصِبْهَا الشَّمْسُ إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ: فَالْبَحْرُ الَّذِي أُفْرِجَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
١٥٥٢٥ - وَعَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ الْهِلَالِيِّ قَالَ: خَرَجَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ، وَنَجْدَةُ بْنُ عُوَيْمِرٍ، فِي نَفَرٍ مِنْ رُءُوسِ الْخَوَارِجِ يُنَقِّرُونَ عَنِ الْعِلْمِ وَيَطْلُبُونَهُ، حَتَّى قَدِمُوا مَكَّةَ، فَإِذَا هُمْ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَاعِدًا قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ لَهُ أَحْمَرُ وَقَمِيصٌ، فَإِذَا نَاسٌ قِيَامٌ يَسْأَلُونَهُ عَنِ التَّفْسِيرِ، يَقُولُونَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، مَا تَقُولُ فِي كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: هُوَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ لَهُ نَافِعٌ: مَا أَجْرَأَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى مَا تُخْبِرُ بِهِ مُنْذُ الْيَوْمِ! فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَعَدِمَتْكَ، أَلَا أُخْبِرُكَ مَنْ هُوَ أَجْرَأُ مِنِّي؟ قَالَ: مَنْ هُوَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: رَجُلٌ تَكَلَّمَ بِمَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ، أَوْ رَجُلٌ كَتَمَ عِلْمًا عِنْدَهُ. قَالَ: صَدَقْتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، إِنِّي أَتَيْتُكَ لِأَسْأَلَكَ. قَالَ: هَاتِ يَا ابْنَ الْأَزْرَقِ فَسَلْ. قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ} [الرحمن: ٣٥]. مَا الشُّوَاظُ؟ قَالَ: اللَّهَبُ الَّذِي لَا دُخَانَ فِيهِ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ:
أَلَا مَنْ مُبْلِغٍ حَسَّانَ عَنِّي ... مُغَلْغَلَةً تَذُبُّ إِلَى عُكَاظِ
أَلَيْسَ أَبُوكَ قَيْنًا كَانَ فِينَا ... إِلَى الْقَيْنَاتِ فَسْلًا فِي الْحِفَاظِ
يَمَانِيًّا يَظَلُّ يُشِبُّ كِيرًا ... وَيَنْفُخُ دَائِبًا لَهَبَ الشُّوَاظِ.
قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: {وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ} [الرحمن: ٣٥]. قَالَ: الدُّخَانُ الَّذِي لَا لَهَبَ فِيهِ. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: نَعَمْ، أَمَا سَمِعْتَ نَابِغَةَ بَنِي ذُبْيَانَ يَقُولُ:
يُضِيءُ كَضَوْءِ سِرَاجِ السَّلِيطِ ... لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ فِيهِ نُحَاسًا.
يَعْنِي دُخَانًا. قَالَ: صَدَقْتَ. فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ} [الإنسان: ٢]. قَالَ: مَاءُ الرَّجُلِ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ، إِذَا اجْتَمَعَا فِي الرَّحِمِ كَانَ مَشِيجًا. قَالَ: وَهَلْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute