للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَجِيئُنِي فِيهِ فَرَدَّهُ. فَجَاءَ إِلَى عِذْقِ النَّخْلَةِ فَقَطَعَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَا أَرَدْتَ إِلَى هَذَا؟ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَدْتُ أَنْ تَأْكُلَ مِنْ رُطَبِهِ، وَبُسْرِهِ، وَتَمْرِهِ، وَتَذْنُوبِهِ، وَلَأَذْبَحَنَّ لَكَ مَعَ هَذَا. قَالَ: " إِنْ ذَبَحْتَ فَلَا تَذْبَحَنَّ ذَاتَ ذَرٍّ ". فَأَخَذَ عَنَاقًا، أَوْ جَدْيًا فَذَبَحَهُ، وَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: اخْتَبِزِي، وَأَطْبُخُ أَنَا، فَأَنْتِ أَعْلَمُ بِالْخُبْزِ. فَعَمَدَ إِلَى نِصْفِ الْجَدْيِ فَطَبَخَهُ، وَشَوَى نِصْفَهُ، فَلَمَّا أَدْرَكَ الطَّعَامُ، وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْجَدْيِ فَوَضَعَهُ عَلَى رَغِيفٍ، ثُمَّ قَالَ: " يَا أَبَا أَيُّوبَ، أَبْلِغْ بِهَذَا إِلَى فَاطِمَةَ ; فَإِنَّهَا لَمْ تُصِبْ مِثْلَ هَذَا مُنْذُ أَيَّامٍ ". فَلَمَّا أَكَلُوا وَشَبِعُوا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " خُبْزٌ، وَلَحْمٌ، وَبُسْرٌ، وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ ". وَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: " هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِذَا أَصَبْتُمْ مِثْلَ هَذَا، وَضَرَبْتُمْ بِأَيْدِيكُمْ، فَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ، وَبَرَكَةِ اللَّهِ، فِإِذَا شَبِعْتُمْ فَقُولُوا الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي أَشْبَعَنَا وَأَزْوَانَا وَأَنْعَمَ وَأَفْضَلَ، فَإِنَّ هَذَا كَفَافٌ بِهَذَا ".

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَأْتِي أَحَدٌ إِلَيْهِ مَعْرُوفًا إِلَّا أَحَبَّ أَنْ يُجَازِيَهُ، فَقَالَ لِأَبِي أَيُّوبَ: " ائْتِنَا غَدًا ". فَلَمْ يَسْمَعْ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَهُ، فَلَمَّا أَتَاهُ أَعْطَاهُ وَلِيدَةً، فَقَالَ: " يَا أَبَا أَيُّوبَ، اسْتَوْصِ بِهَا خَيْرًا ; فَإِنَّا لَمْ نَرَ إِلَّا خَيْرًا مَا دَامَتْ عِنْدَنَا ". فَلَمَّا جَاءَ بِهَا أَبُو أَيُّوبَ قَالَ: مَا أَجِدُ لِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْرًا مِنْ أَنْ أُعْتِقَهَا، فَأَعْتَقَهَا».

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَيْسَانَ الْمَرْوَزِيُّ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ.

١٨٢٦٢ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ، قَالَ: «فَاتَنِي الْعَشَاءُ ذَاتَ لَيْلَةٍ ; فَجَعَلْتُ أَتَقَلَّبُ لَا يَأْتِينِي النَّوْمُ، فَقُلْتُ: لَوْ خَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّيْتُ مَا قُدِّرَ لِي، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ اسْتَنَدْتُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْهُ، فَدَخَلَ عُمَرُ، فَلَمَّا رَآنِي أَنْكَرَنِي، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: أَبُو بَكْرٍ. فَقَالَ: مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟! قُلْتُ: الْجُوعُ. قَالَ: وَأَنَا أَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكَ، فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا رَأَى سَوَادَنَا أَنْكَرَهُ فَقَالَ مَنْ هَذَانِ؟ فَبَدَرَنِي عُمَرُ فَقَالَ: هَذَا أَبُو بَكْرٍ وَهَذَا عُمَرُ فَقَالَ: " مَا أَخْرَجَكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟! ". فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ. فَقَالَ: " وَأَنَا مَا أَخْرَجَنِي إِلَّا الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، انْطَلِقَا بِنَا إِلَى الْوَاقِفِيِّ ". فَأَتَيْنَا الْبَابَ، فَاسْتَأْذَنَّا فَخَرَجَتِ الْمَرْأَةُ، قَالَ: " أَيْنَ فَلَانٌ؟ ". قَالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ مِنْ حُشِّ بَنِي حَارِثَةَ، فَفَتَحَتِ الْبَابَ، فَدَخَلْنَا فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ جَاءَ قَدْ مَلَأَ قِرْبَةً عَلَى ظَهْرِهِ، عَلَّقَهَا عَلَى كِرْنَفَةٍ مِنْ كَرَانِيفِ النَّخْلِ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا، مَا زَارَ النَّاسَ خَيْرٌ مِنْ زَوْرٍ زَارُونِي اللَّيْلَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِعِذْقِ بُسْرٍ، فَجَعَلْنَا نَنْتَقِي فِي الْقَمَرِ، وَنَأْكُلُ، ثُمَّ أَخَذَ الشَّفْرَةَ وَجَالَ فِي الْغَنَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ، أَوْ ذَاتَ الدَّرِّ ". فَذَبَحَ لَنَا شَاةً، وَسَلَخَهَا، وَقَطَّعَهَا فِي الْقِدْرِ، وَأَمَرَ الْمَرْأَةَ فَعَجَنَتْ وَخَبَزَتْ، ثُمَّ جَاءَ بِثَرِيدَةٍ وَلَحْمٍ فَأَكَلْنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>