حَتَّى يُصْبِحَ، وَالْمَرْأَةُ تَقُومُ مِنْ عِنْدِ زَوْجِهَا حَلَالًا طَيِّبًا، فَتَأْتِي الرَّجُلَ الْخَبِيثَ فَتَبِيتُ عِنْدَهُ حَتَّى تُصْبِحَ، ثُمَّ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ جَمَعَ حُزْمَةً عَظِيمَةً لَا يَسْتَطِيعُ حَمْلَهَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ عَلَيْهِ أَمَانَةُ النَّاسِ، لَا يَسْتَطِيعُ أَدَاءَهَا وَهُوَ يَزِيدُ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ وَأَلْسِنَتُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ حَدِيدٍ، كُلَّمَا قُرِضَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ، لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ. قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: خُطَبَاءُ الْفِتْنَةِ، ثُمَّ أَتَى عَلَى جُحْرٍ صَغِيرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ ثَوْرٌ عَظِيمٌ، فَيُرِيدُ الثَّوْرُ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ حَيْثُ خَرَجَ فَلَا يَسْتَطِيعُ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ الْعَظِيمَةِ فَيَنْدَمُ عَلَيْهَا، فَيُرِيدُ أَنْ يَرُدَّهَا فَلَا يَسْتَطِيعُ، ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَوَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً، وَوَجَدَ رِيحَ مِسْكٍ مَعَ صَوْتٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: صَوْتُ الْجَنَّةِ تَقُولُ: يَا رَبِّ، ائْتِنِي بِأَهْلِي وَبِمَا وَعَدْتَنِي، فَقَدْ كَثُرَ غَرْسِي، وَحَرِيرِي، وَسُنْدُسِي، وَإِسْتَبْرَقِي، وَعَبْقَرِيِّي، وَمَرْجَانِي، وَقَصَبِي، وَذَهَبِي، وَأَكْوَابِي، وَصِحَافِي، وَأَبَارِيقِي، وَفَوَاكِهِي، وَعَسَلِي، وَثِيَابِي، وَلَبَنِي، وَخَمْرِي، ائْتِنِي بِمَا وَعَدْتَنِي. قَالَ: لَكِ كُلُّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ وَمُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ. وَمَنْ آمَنَ بِي وَبِرُسُلِي، وَعَمِلَ صَالِحًا، وَلَمْ يُشْرِكْ بِي شَيْئًا، وَلَمْ يَتَّخِذْ مِنْ دُونِي أَنْدَادًا - فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ، وَمَنْ أَقْرَضَنِي جَزَيْتُهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيَّ كَفَيْتُهُ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، لَا خُلْفَ لِمِيعَادِي، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، فَقَالَتْ: قَدْ رَضِيتُ، ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَسَمِعَ صَوْتًا مُنْكَرًا، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذَا الصَّوْتُ؟ قَالَ: هَذَا صَوْتُ جَهَنَّمَ تَقُولُ: يَا رَبِّ، ائْتِنِي بِأَهْلِي وَبِمَا وَعَدْتَنِي، فَقَدْ كَثُرَ سَلَاسِلِي، وَأَغْلَالِي، وَسَعِيرِي، وَحَمِيمِي، وَغَسَّاقِي، وَغِسْلِينِي، وَقَدْ بَعُدَ قَعْرِي، وَاشْتَدَّ حَرِّي، ائْتِنِي بِمَا وَعَدْتَنِي. قَالَ: لَكِ كُلُّ مُشْرِكٍ وَمُشْرِكَةٍ وَخَبِيثٍ وَخَبِيثَةٍ، وَكُلُّ جَبَّارٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ. قَالَتْ: قَدْ رَضِيتُ. ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَنَزَلَ فَرَبَطَ فَرَسَهُ إِلَى صَخْرَةٍ، فَصَلَّى مَعَ الْمَلَائِكَةِ، فَلَمَّا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ قَالُوا: يَا جِبْرِيلُ، مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ قَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاتَمُ النَّبِيِّينَ. قَالُوا: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالُوا: حَيَّاهُ اللَّهُ مِنْ أَخٍ وَخَلِيفَةٍ، فَنِعْمَ الْأَخُ، وَنِعْمَ الْخَلِيفَةُ. ثُمَّ لَقُوا أَرْوَاحَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَثْنَوْا عَلَى رَبِّهِمْ - تَعَالَى - فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي اتَّخَذَنِي خَلِيلًا، وَأَعْطَانِي مُلْكًا عَظِيمًا، وَجَعَلَنِي أُمَّةً قَانِتًا، وَاصْطَفَانِي بِرِسَالَاتِهِ، وَأَنْقَذَنِي مِنَ النَّارِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute