وَجل قد أشكل ذَلِكَ عَلَى أَئِمَّة قبلنَا مِنْهُم سعد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، واعتزاله، وَقَوله: إِن أَتَيْتُمُونِي بِسيف يعرف الْمُؤمن من الْكَافِر قَاتَلت مَعكُمْ، فَدلَّ بقوله هَذَا أَن قتل الْمُؤمن حرَام، وَأَن قتل الْكَافِر حَلَال، وَأَن سَيْفه لَيْسَ عِنْده معرفَة بذلك، وَهَذَا دَلِيل عَلَى أَن الْأَمر قد أشكل واشتبه، وَأَن سَعْدا كره أَن يُقَاتل عَلَى شُبْهَة.
وَمِمَّا يدل عَلَى ذَلِكَ أَن مُعَاوِيَة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عاتبه عَلَى أَن لَا يكون يُقَاتل مَعَه فَقَالَ لَهُ: إِنَّمَا مثلي ومثلكم كَمثل قوم كَانُوا يَسِيرُونَ عَلَى جادة الطَّرِيق فهاجت ريح شَدِيدَة وظلمة فَلم يعرفوا الطَّرِيق وَأخذ النَّاس يَمِينا وَشمَالًا فتاهوا، وَقَالَ بَعضهم: أَخ، أَخ، ونزلوا حَتَّى أسفرت الظلمَة وأبصروا الطَّرِيق. فَقَالَ مُعَاوِيَة: يَا أَبَا إِسْحَاق أتجد فِي كتاب الله: أَخ، أَخ؟ فَقَالَ: لَا أقَاتل حَتَّى تَأْتُونِي بِسيف يعرف الْمُؤمن من الْكَافِر يَقُول: هَذَا مُسلم لَا تقتله وَهَذَا كَافِر فاقتله. وَقد تقدم من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ذَلِكَ قَول بَين:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute