روى أَنه أسرى بِهِ من بَيته فَإِنَّهُ أضَاف بَيت أم هَانِئ إِلَى نَفسه لِأَنَّهُ كَانَ بَيت أبي طَالب، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تربى فِيهِ فأضيف إِلَيْهِ.
وَمن روى أَنه أسرِي بِهِ من الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد الْكَعْبَة فإِنما أَرَادَ بِهِ الْحرم الَّذِي هُوَ مَسْجِد فيضاف إِلَى الْكَعْبَة، فأضاف الْكل إِلَى الْحرم، وَالْحرم قد يجوز أَن يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْمَسْجِد الْحَرَام. قَالَ اللَّه تَعَالَى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام قيَاما للنَّاس} أُرِيد بِهِ الْحرم. وَقَالَ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا} . وَقَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِد الْحَرَام} فَإِذَا حمل عَلَى مَا ذَكرْنَاهُ حصل الِاتِّفَاق وَزَالَ الِاخْتِلَاف.
وَأما مَا رُوِيَ أَنه أسرِي بِهِ وَهُوَ بَين النَّائِم وَالْيَقظَان، قيل: إِنه فِي الِابْتِدَاء كَانَ نَائِما فأيقظه جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - فَكَانَ الإِسراء بعد ذَلِك فِي حَال الْيَقَظَة يدل عَلَى ذَلِك قَوْله تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} . وَقَوله: {بِعَبْدِهِ} هَذَا اللَّفْظ يَقع عَلَى الْبدن وَالروح جَمِيعًا، أَعنِي قَوْله: بِعَبْدِهِ وَلَو كَانَ نوما لم يتعجبوا وَلم ينكروا، وَمَا رُوِيَ أَن بعض أَزوَاجه قَالَت: لم تفقد جِسْمه (أول اللَّيْل وَآخره) لَا يَصح، وَهُوَ مِمَّا وضع ردا للْحَدِيث الصَّحِيح، وَقيل: (وَلم يفق جِسْمه) أول اللَّيْل وَآخره لِأَنَّهُ صلى الْعشَاء بِمَكَّة فَأُسْرِيَ بِهِ بعد صَلَاة الْعشَاء، ثُمَّ أنزل قبل صَلَاة الْفجْر، وَقد بقيت من اللَّيْل بَقِيَّة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute