قَالَ عُلَمَاء السّلف: قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر} فَفرق بَين الْخلق وَالْأَمر، وَأَعْلَمنَا فِي كِتَابه أَنه يخلق الْخلق بِكَلَامِهِ وَقَوله فَقَالَ: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كن فَيكون} أعلمنَا أَنه يكون كل مكون من خلقه بقوله: كن، وَقَوله: كن هُوَ كَلَامه الَّذِي يكون الْخلق، فَكَلَامه الَّذِي يكون بِهِ الْخلق غير الْخلق الَّذِي يكون مكونا بِكَلَامِهِ، وَفِيمَا روينَاهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيَان أَن كَلَام اللَّه غير مَخْلُوق. قَالَ: " سُبْحَانَ الله عدد خلقه ورضى نَفسه وزنة عَرْشه ومداد كَلِمَاته "، وَلَو كَانَت كَلِمَات اللَّه من خلقه، لما فرق بَينهمَا، أَلا ترى حِين ذكر الْعَرْش الَّذِي هُوَ مَخْلُوق ذكره بِلَفْظَة لَا تقع عَلَى الْعدَد، فَقَالَ: " زنة عَرْشه " وَالْوَزْن غير الْعدَد. وَقَالَ فِي كِتَابه: {قل لَو كَانَ الْبَحْر مداراً لكلمات رَبِّي} الْآيَة، يفسره قَوْله تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} الْآيَة يَعْنِي يكْتب بهَا كَلِمَات اللَّه، وَكَانَ الْبَحْر مداداً، فنفد مَاء الْبَحْر لَو كَانَ مدادا لم ينْفد كَلِمَات رَبنَا وَلم يرد بالبحر بحرا وَاحِدًا، أعلم اللَّه تَعَالَى: أَنه لَو جِيءَ بِمثل الْبَحْر مدادا، وَزيد عَلَى مَائه سَبْعَة أبحر لم تنفد كَلِمَات اللَّه، فَدلَّ بِهَذِهِ الْأَشْيَاء أَن كَلِمَات رَبنَا لَيست بمخلوقه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute