وَرُبمَا طعنوا بِمثل هَذَا الْكَلَام فِي الْخَبَر روينَاهُ من طَرِيق أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي احتجاج آدم ومُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام. وَقَالُوا: إِذا احْتج كل منا فِي مَعَاصيه بِمثل احتجاج آدم على مُوسَى، لم يبْق لوم عتب عَلَى أحد فِي مَعْصِيّة يرتكبها، وَلَا فَاحِشَة يعملها، وَيصير كل الْكفَّار والفساق معذورة فِي فعلهم، وَلم يجز لأحد منا لومهم وَلَا توبيخهم إِذْ حجتهم ظَاهِرَة، وَمن تمسك بِحجَّة فِيمَا يعمله بِمثل حجَّة آدم - عَلَيْهِ السَّلامُ -، فَكيف يجوز الْإِنْكَار عَلَيْهِ، وتعييره بِفعل شَيْء.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: وَأما الْكَلَام فِيمَا جرى بَين آدم ومُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام من المحاجة فِي هَذَا الشَّأْن، فَإِنَّمَا سَاغَ لَهما الْحجَّاج فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُمَا نبيان جليلان خصا بِعلم الْحَقَائِق، وَأذن لَهما فِي استكشاف السرائر.
وَلَيْسَ سَبِيل سَائِر الْخلق الَّذين أمروا بِالْوُقُوفِ عِنْد مَا حد لَهُم، وَالسُّكُوت عَمَّا طوى عَنْهُم سبيلهما. وَلَيْسَ معنى قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فحج آدم - عَلَيْهِ السَّلامُ - مُوسَى، إبِْطَال حكم الظَّاهِر، وَلَا إِسْقَاط الْعَمَل الْوَاجِب. وَلَكِن مَعْنَاهُ: تَرْجِيح أحد الْأَمريْنِ، وَتَقْدِيم رُتْبَة الْعلَّة عَلَى السَّبَب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute