للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فترى النَّاس عَلَى اخْتِلَاف طبقاتهم من الآراء والنحل، يفزعون عِنْد حُدُوث الْأَمْرَاض إِلَى الطِّبّ والتداوي، ويتعللون بِهِ، ويستأنسون إِلَيْهِ. فَإِذا لم ينجح العلاج، وأعياهم الْأَمر قَالُوا: قدر الله ومشيئته، وسلموا للْقَضَاء وأعطوا بِأَيْدِيهِم، وَلم يلوموا طَبِيبا، وَلم يعيبوا دَوَاء. وَمن خالفهم فِي هَذَا الْمَذْهَب، وَلم يَأْخُذ بالحزم وَلم يسْتَعْمل العلاج كَانَ عِنْد أَكْثَرهم ملوما معاتبا. فترى النَّاس يفزعون إِلَى الْأَدْوِيَة والمعالجات، الأقدار من الله جَارِيَة فِي الْآجَال والأمراض وَالصِّحَّة، وَلَا مزِيد عَلَيْهَا وَلَا نُقْصَان، وَلَا مُتَأَخّر عَنْهَا وَلَا مُتَقَدم. كَذَلِك أُمُور الْآخِرَة مقضية مقدرَة مقسومة، والأعمال من الْعباد فِي أَسبَابهَا الظَّاهِرَة جَارِيَة، والأوامر والنواهي فِيهَا ثَابِتَة والوعد والوعيد وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب فِيهَا عَامل. وَمَا قَضَاهُ الله وَقدره من ذَلِكَ فَلَا مزِيد عَلَيْهِ وَلَا نُقْصَان، وَلَا مُتَأَخّر عَنْهَا وَلَا مُتَقَدم. وعَلى هَذَا تجْرِي أُمُور العوذة وَالدُّعَاء.

قَالَ: وَإِنَّمَا حملنَا عَلَى ذكر هَذَا الأَصْل، وَبَيَان الْأَمْثِلَة، والأشباه لِأَن الَّذِي يعْتَمد عَلَيْهِ الْخُصُوم فِي رد الْقَضَاء وَالْقدر هُوَ أَنهم يَقُولُونَ: إِذا قدمنَا الْقدر وغلبنا الحكم بَطل الْعَمَل وَسقط معنى التبعد وَهُوَ: التَّكْلِيف وتعطل الْوَعْد والوعيد، وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>