{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ على شَيْء} . وَقَوله تَعَالَى:{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أبكم لَا يقدر على شَيْء}
فنفي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْقُدْرَة عَلَى الْفِعْل عَن العَبْد، وَأَعْلَمنَا أَن فعل العَبْد وَقدرته عَلَى الْفِعْل شَيْء، وَهُوَ من خلق الله تَعَالَى لَا من خلقه. لِأَن نفي قدرته عَلَى جَمِيع الْأَشْيَاء، أَو جعل الشَّيْء نكرَة، والنكرة تعم الْجِنْس فَدلَّ ذَلِكَ عَلَى أَن العَبْد لَا يقدر عَلَى خلق عمل من أَعماله، وَأَن عمله وَقدرته عَلَى الْعَمَل من الله تَعَالَى لَا مِنْهُ.
وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} أَي لَيْسَ لَك فِيمَا تتصرف فِيهِ من الْأَمر والأعمال وَالْقُدْرَة عَلَيْهَا شَيْء، وَلَا يمكنك أَن تخلق عملا أَو فعلا من نَفسك، بل مَا تَفْعَلهُ وتعمله مخلوقا بِخلق الله تَعَالَى إِيَّاه، ومفعوله بقدرته وتوفيقه، لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه.
وَالدَّلِيل عَلَيْهِ: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ الله يهدي من يَشَاء} . وَلَو كَانَ العَبْد يقدر عَلَى خلق أَو عمل من تِلْقَاء نَفسه لَكَانَ يُمكنهُ أَن يهدي من أحب. لِأَن الْهِدَايَة مصدر يتَفَرَّع مِنْهُ الْفِعْل، وَقَوله: لَا تهدي فعل، فَلَمَّا نفى الْقُدْرَة عَلَى هَذَا الْفِعْل عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ مَا خصّه