حَتَّى درت عَلَى سَائِر الْأَبْوَاب يَعْنِي أَبْوَاب الْمَسْجِد - فَوَجَدتهَا مسدودة، وانصرفت، وَإِذا أَصْحَابِي لم أر مِنْهُم أحدا فانتبهت مَرْعُوبًا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا جَاءَنِي الشَّيْخ على عَادَته يصبحني فَقلت لَهُ: هَل هَا هُنَا عَابِر يعْتَمد عَلَى قَوْله، فقد رَأَيْت رُؤْيا شغل قلبِي؟ فَقَالَ: نعم. هَا هُنَا رجل ولي الله صَاحب كرامات يقريء فِي بني حرَام كَأَنَّهُ يُوحى إِلَيْهِ هَذَا الْعلم، وَلَكِن الْموضع بعيد فَاكْتُبْ الرُّؤْيَا فِي رقْعَة حَتَّى نرسلها مَعَ بعض غلماننا، فَيقْرَأ وَيكْتب جوابها. فَقلت: لَا يقنعني ذَلِكَ أُرِيد مشافهته بهَا قَالَ: فاصبر حَتَّى أفرغ من شغل النَّاس، ثمَّ رَجَعَ إِلَيّ وَأمر ببغله فأسرجت، وَوجه معي بعض غلمانه فَجِئْنَا بني حرَام، وَقد أذن لصَلَاة الظّهْر فَدخلت الْمَسْجِد، وَصليت وَتقدم الشَّيْخ وَصلى بِنَا، ثمَّ قُمْت إِلَيْهِ وَإِذا كَأَنَّهُ قِطْعَة نور عَلَيْهِ أثر عبَادَة فتقدمت إِلَيْهِ، وَقلت: أَنا رَسُول لبَعض من رأى رُؤْيا فَقَالَ: هَات فقصصت عَلَيْهِ الرُّؤْيَا فَقَالَ: قل لصَاحب هَذِهِ الرُّؤْيَا اتَّقِ الله وراجع الْحق فَإِن هَذَا رجل كَانَ عَلَى الْهدى الْمُسْتَقيم فقرع سَمعه شَيْء من الْبَاطِل فأداه إِلَى قلبه فاستحلاه وتشوشت عقيدته، فَقل لَهُ: رَاجع الْحق فَإِن الله عَزَّ وَجَلَّ يقبلك، فَإِن الْأَبْوَاب المسدودة هِيَ الطَّرِيق إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَالطَّرِيق إِلَيْهِ الطَّرِيق إِلَى سنته، فَلَمَّا استحلى الْبَاطِل سدت الْأَبْوَاب بَينه وَبَينه، فَعظم فِي عَيْني، وَقبلت رَأسه وَخرجت، فَلَمَّا رجعت إِلَى الْمنزل قَالَ لي الشَّيْخ: مَا كَانَ مِنْك؟ فقصصت عَلَيْهِ الْقِصَّة وَقلت لَهُ: إِنَّه لَكمَا قلت: وَحي يُوحى إِلَيْهِ، فَوَجَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute