وَإِنَّمَا بعث وَاحِدًا وَاحِدًا، ودعاهم إِلَى الله وَإِلَى التَّصْدِيق برسالته لإلزام الْحجَّة، وَقطع الْعذر لقَوْله تَعَالَى: {رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ للنَّاس على الله حجَّة بعد الرُّسُل} .
وَهَذِه الْمعَانِي لَا تحصل إِلَّا بعد وُقُوع الْعلم بِمن أرسل إِلَيْهِ بِالْإِرْسَال والمرسل، وَأَن الْكتاب من قبله والدعوة مِنْهُ، وَقد كَانَ نَبينَا
بعث إِلَى النَّاس كافه، وَكثير من الْأَنْبِيَاء بعثوا إِلَى قوم دون قوم.
وَإِنَّمَا قصد بإرسال الرُّسُل إِلَى هَؤُلاءِ الْمُلُوك وَالْكتاب إِلَيْهِم، بَث الدعْوَة فِي جَمِيع الممالك، ودعا النَّاس عَامَّة إِلَى دينه عَلَى حسب مَا أمره الله بذلك، فَلَو لم يَقع الْعلم بِخَبَر الْوَاحِد فِي أُمُور الدّين لم يقْتَصر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى إرْسَال الْوَاحِد من أَصْحَابه فِي هَذَا الْأَمر، وَكَذَلِكَ فِي أُمُور كَثِيرَة اكْتفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بإرسال الْوَاحِد من أَصْحَابه مِنْهَا:
١٩٨ - أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث عليا لينادي فِي موسم الْحَج بمنى، أَلا لَا يَحُجن بعد الْعَام مُشْرك، وَلَا يَطُوفَن بِالْبَيْتِ عُرْيَان، وَمن كَانَ بَينه وَبَين رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عهد فمدته إِلَى أَرْبَعَة أشهر، وَلَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا نفس مسلمة.
وَلَا بُد فِي هَذِهِ الْأَشْيَاء من وُقُوع الْعلم للْقَوْم الَّذين كَانُوا ينادونهم حَتَّى إِن أقدموا عَلَى شَيْء من هَذَا بعد سَماع هَذَا القَوْل كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَبْسُوط الْعذر فِي قِتَالهمْ وقتلهم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute