وَقد أَخْبَرَنَا اللَّه فِي كِتَابه أَنه يسمع وَيرى فَقَالَ: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أسمع وَأرى} وَقَالَ فِي قصَّة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: {يأبت لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلَا يُغني عَنْك شَيْئا} علم أَن خَلِيل اللَّه صلوَات اللَّه عَلَيْهِ لَا يوبخ أَبَاهُ على عباده مَالا يسمع وَلَا يبصر، ثُمَّ يَدعُوهُ إِلَى عبَادَة من لَا يسمع وَلَا يبصر، فَيَقُول لَهُ: فَمَا الْفرق بَين معبودك ومعبودي؟ فَتوهم الْجَهْمِية لجهلهم بِالْعلمِ أَن من وصف اللَّه بِالصّفةِ الَّتِي وصف بهَا نَفسه، وَقد أوقع اسْم تِلْكَ الصّفة عَلَى بعض خلقه فقد شبهه بخلقه، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} أخبر أَنه سميع بَصِير، وَذكر أَنه جعل الإِنسان بَصيرًا، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصيرًا} وسمى نَفسه حَلِيمًا وسمى خَلِيله حَلِيمًا فَقَالَ: {إِن إِبْرَاهِيم لأواه حَلِيم} وسمى نَفسه رؤوفاً رحِيما وَقَالَ فِي صفة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {بِالْمُؤْمِنِينَ رءوف رَحِيم} .
فَإِن كَانَ عُلَمَاء الْآثَار الَّذين يصفونَ اللَّه بِمَا وصف بِهِ نَفسه فِي كِتَابه وعَلى لِسَان نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَى زعم الْجَهْمِية، فَكل أهل الْقبْلَة إِذَا قرأوا كتاب اللَّه فآمنوا بِهِ بإِقرار اللِّسَان وتصديق الْقلب، وَسموا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهَذِهِ الْأَسَامِي، وَسموا المخلوقين بهَا، فَجَمِيع أهل التَّوْحِيد مشبهة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute