بِالتُّرَابِ فابتدر إِلَيْهِ الخدم فطردوه فأسرعت أَنا إِلَيْهِ، وَقلت هَذَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد أقبل، فَلَمَّا حاذاه الهودج قَامَ قَائِما وَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: حَدَّثَنِي أَيمن بْن نايل قَالَ: حَدَّثَنِي قدامَة بْن عَبْد اللَّهِ قَالَ:
٣٧ - رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمنى عَلَى جمل أَحْمَر تَحْتَهُ رَحل رث وَلم يكن ضرب وَلَا طرد، فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: إِنه بهْلُول الْمَجْنُون، قَالَ: قد عرفت، قَالَ: قل وأوجز فَقَالَ:
(هَب أَنَّك قد ملكت الأَرْض طرا ... ودان لَك الْعباد فَكَانَ مَاذَا؟)
(أَلَسْت تصير فِي قبر ويحثو ... عَلَيْك ترابه هَذَا وَهَذَا)
فَقَالَ: أَجدت، قل وأوجز قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: من رزقه اللَّه مَالا وجمالا فعف فِي جماله وواسى من مَاله كتب عِنْد اللَّه من الْأَبْرَار، فَظن هَارُون أَن عَلَيْهِ دينا فَقَالَ: قد أمرنَا أَن يقْضى عَنْك دينك، قَالَ: لَا تفعل يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، لَا يقْضى دين بدين ارْدُدْ الْحق إِلَى أَهله فَجَمِيع مَا فِي يَديك دين عَلَيْك، قَالَ: قد أمرنَا أَن يجرى عَلَيْك نَفَقَة، قَالَ: لَا تفعل، أتراه أجْرى عَلَيْك ونسيني، إِن الَّذِي أجْرى عَلَيْك هُوَ الَّذِي أجْرى عَليّ، ثُمَّ ولى وَأَنْشَأَ يَقُول:
(توكلت عَلَى اللَّه ... وَمَا أَرْجُو سوى اللَّه)
(وَمَا الرزق من النَّاس ... بل الرزق من اللَّه)
وَحكي عَن حَاتِم الْأَصَم: أَنه دخل عَلَى امْرَأَته فَقَالَ: " إِنِّي أُرِيد أَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute