لِأَن الْكفَّار إِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ عَلَى سَبِيل الِاسْتِهْزَاء وَترك التَّصْدِيق، فكذبهم فِي قَوْلهم كَمَا كذب الْمُنَافِقين فِي شَهَادَتهم. وَقَول الْمُنَافِقين إِن مُحَمَّدًا رَسُول الله كَانَ حَقًا، وَلَكِن لما لم يكن مَعَه تَصْدِيق الْقُلُوب قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّهُم لَكَاذِبُونَ} . كَذَلِك الْأَشْيَاء كلهَا بِمَشِيئَة الله تَعَالَى، وَلَكِن لما قَالَ هَؤُلاءِ عَلَى طَرِيق الِاسْتِهْزَاء كذبهمْ الله تَعَالَى.
وَأما قَوْلهم فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هدَاهُم} فَلَا حجَّة لَهُم فِيهَا. لِأَن هَذِهِ الْآيَة خرجت عَلَى سَبَب وَهُوَ: أَنه لما نزل تَحْرِيم الْخمر، وشدد فِيهَا، سَأَلُوا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَمَّن مَاتَ وَهُوَ يشْربهَا؟ فَأنْزل الله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هدَاهُم}
وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلا أَنْ قَالُوا} فالآية: خرجت عَلَى بَيَان أَن الأعدل والأبلغ أَن يبْعَث إِلَى كل خلق من جنسهم، فَأكْثر مَا فِيهِ: هُوَ التبكيت والتعيير فِي ترك الْأَمر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute