للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٥ - وَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيَانًا لِقَوْلِهِ: " إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ كِتَابًا عَلَى نَفسه فَهُوَ عِنْده، إِن رَحْمَتي تغلب غَضَبي " فَبَيَّنَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا أَخْبَرَ عَنْ نَفسه تَعَالَى، وَبَين أَن نَفسه قديم غير فان بِفنَاء الْخلق وَأَن ذَاته لَا يُوصف إِلَّا بِمَا وصف تَعَالَى، وَوَصفه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَن المجاوز وصفهما يُوجب الْمُمَاثلَة والتمثيل والتشبيه لَا يَكُونُ إِلا بِالتَّحْقِيقِ، وَلا يَكُونُ بِاتِّفَاقِ الأَسْمَاءِ، وَإِنَّمَا وَافَقَ اسْمُ النَّفْسِ اسْمَ نَفْسِ الإِنْسَانِ الَّذِي سَمَّاهُ اللَّهُ نَفْسًا مَنْفُوسَةً، وَكَذَلِكَ سَائِرَ الأَسْمَاءِ الَّتِي سَمَّى بِهَا خَلْقَهُ إِنَّمَا هِيَ مستعارة لخلقه منحها عباده للمعرفة

[فصل]

فِي بَيَان ذكر الذَّات

قَالَ قوم من أهل الْعلم: ذَات اللَّه حَقِيقَته، وَقَالَ بَعضهم انْقَطع الْعلم دونهَا وَقيل: استغرقت الْعُقُول والأوهام فِي معرفَة ذَاته. وَقيل ذَات اللَّه مَوْصُوفَة بِالْعلمِ غير مدركة بالإِحاطة وَلَا مرئية بالأبصار فِي دَار الدُّنْيَا، وَهُوَ مَوْجُود بحقائق الإِيمان عَلَى الإِيقان بِلَا إِحاطة إِدراك، بل هُوَ أعلم بِذَاتِهِ، وَهُوَ مَوْصُوف غير مَجْهُول وموجود غير مدرك ومرئي غير محاط بِهِ لقُرْبه كَأَنَّك ترَاهُ، يسمع وَيرى، وَهُوَ الْعلي الْأَعْلَى، وعَلى الْعَرْش اسْتَوَى تبَارك تَعَالَى، ظَاهر فِي ملكه وَقدرته، قد حجب عَنِ الْخلق كنه ذَاته، ودلهم عَلَيْهِ بآياته،

<<  <  ج: ص:  >  >>