[فصل]
فِي الدَّلِيل عَلَى أَن السَّمِيع لَا يكون إِلَّا بسمع، والبصير لَا يكون إِلَّا ببصر كَمَا لَا يكون الْقَدِير والحكيم إِلَّا بقدرة وَحِكْمَة.
فالسميع صفة مُشْتَقَّة من السّمع. كَمَا أَن الضَّارِب صفة مُشْتَقَّة من الضَّرْب، وَالضَّرْب مصدر لِأَن الْفِعْل صدر عَنهُ، وَإِذا كَانَ صادرا عَن الْمصدر كَانَت الصّفة المبنية من الْفِعْل صادرة عَنهُ أَيْضا وَهِي الضَّارِب. وَإِذا صَحَّ هَذَا، صَحَّ أَن السَّمِيع صفة مَبْنِيَّة من أصل مُشْتَقَّة مِنْهُ صادرة عَنهُ. وَذَلِكَ الأَصْل هُوَ السّمع، فصح أَن السَّمِيع لَا يكون إِلَّا بسمع.
وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ أَيْضا: أَنه إِذا بَطل السّمع حصل الصمم، وَإِذا بَطل الْبَصَر حصل الْعَمى، فَيكون الله تَعَالَى فِي قَول من يثبت السَّمِيع وَلَا يثبت السّمع، سميعا أَصمّ وبصيرا أعمى، كَمَا تَقول فِي الْقَدِير والعليم، فَيبْطل الصِّفَات كلهَا وَتَكون ألفاظا لَا مَعَاني لَهَا، وَيكون الله تَعَالَى خَالِيا عَن الصِّفَات والأسماء الَّتِي هِيَ صِفَات. تَعَالَى الله عَمَّا يَقُول المعطلة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute