والائتمار بأَمْره، والانتهاء عَمَّا نهى الله عَنهُ، وَوجدنَا أهل الْأَهْوَاء الَّذين استبدوا بالآراء والمعقولات بمعزل من الْأَحَادِيث والْآثَار الَّتِي هِيَ طَرِيق معرفَة سنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
فَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ سمة ظَاهِرَة وعلامة بَيِّنَة تشهد لأهل السّنة باستحقاقها، وعَلى أهل الْأَهْوَاء فِي تَركهَا، والعدول عَنْهَا، وَلَا نحتاج فِي هَذَا إِلَى شَاهد أبين من هَذَا، وَلَا إِلَى دَلِيل أَضْوَأ من هَذَا.
فَإِن قَالُوا: إِن لكل فريق من الْأَهْوَاء، وَأَصْحَاب الآراء حجَجًا من آثَار رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحتجون بهَا.
قُلْنَا: أجل وَلَكِن يحْتَج بقول التَّابِعِيّ على قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو بِحَدِيث مُرْسل ضَعِيف عَلَى حَدِيث مُتَّصِل قوي، وَمن هَا هُنَا امتاز أهل اتِّبَاع السّنة من غَيرهم، لِأَن صَاحب السّنة لَا يألو أَن يتبع من السّنَن أقواها وَمن الشُّهُود عَلَيْهَا أعدلها وأتقاها، وَصَاحب الْهوى كالغريق يتَعَلَّق بِكُل عود ضَعِيف أَو قوي، فَإِذا رَأَيْت الْحَاكِم لَا يقبل من الشُّهُود إِلَّا أعدلها وأنقاها كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ شَاهدا عَلَى عَدَالَته، وَإِذا غمض وقنع بأرداها كَانَ ذَلِكَ دَلِيلا عَلَى جوره، وَكَانَ المتبع لَا يتبع من الْآثَار إِلَّا مَا هُوَ عِنْد الْعلمَاء أقوى، وَصَاحب الْهوى لَا يتبع إِلَّا مَا يهوى، وَإِن كَانَ عِنْد الْعلمَاء أوهاها، وكل ذِي حِرْفَة وصناعة مَوْسُوم بصناعته، مَعْرُوف بآلته مَتى أعوزته الْآلَة زَالَت عَنهُ آيَة الصِّنَاعَة، وَكَذَلِكَ سمات أهل السّنَن والأهواء، وَفِي دون مَا فسرناه مَا يشفي، والأقل من هَذَا يَكْفِي من كَانَ موفقا، ولحقه عون من الله تَعَالَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute